كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (١) و (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٢) وقال تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ* وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ* وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٣).
وذكر ابن حجر في فتح الباري في شرح كتاب الفتن ، الذي صدّره البخاري بالآية ، قال : أخرج الطبري من طريق الحسن البصري ، قال : قال الزبير : لقد خوّفنا بهذه الآية ونحن مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما ظننّا أنّا خصصنا بها ، وقال : عند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عبّاس ، قال : أمر الله المؤمنين أن لا يقرّوا المنكر بين أظهرهم ؛ فيعمّهم العذاب.
ولهذا الأثر شاهد من حديث عديّ بن عميرة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول :
إنّ الله عزوجل لا يعذّب العامّة بعمل الخاصّة حتّى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه ، فإذا فعلوا ذلك عذّب الله الخاصّة والعامّة (٤).
فإذا لم يحكم العدل في ما بين المسلمين فكيف يطالب غيرهم به؟! وقد روي ـ ما مضمونه ـ :
إنّ قائلا قال للإمام السجّاد عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام : أتركت الجهاد في الثغور وخشونته وأقبلت على الحجّ ونعومته؟! وقد قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ
__________________
(١). الصفّ / ٢ و ٣.
(٢). البقرة / ٤٤.
(٣). الأنفال / ٢٥ ـ ٢٨.
(٤). فتح الباري ١٣ / ٤ ح ٧٠٤٨.