فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١) الآية. فقال له زين العابدينعليهالسلام : أكمل الآية. فقال : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) فقال له زين العابدين عليهالسلام : إذا وجدت من هم بهذا الوصف فنحن نجاهد معهم (٣)
ويا له من شرط صعب! الحفظ لحدود الله!
ولقد خطب الإمام عليّ عليهالسلام في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة ، فقال :
ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله ، فهو مردود في بيت المال ؛ فإنّ الحقّ القديم لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تزوّج به النساء ، وفرّق في البلدان ، لرددته إلى حاله ، فإنّ في العدل سعة ، ومن ضاق عنه الحقّ فالجور عنه أضيق (٤).
فسيف عليّ عليهالسلام الذي أقيم به صرح الإسلام ، وشيّد به دعائم الدولة الإسلاميّة ، عاد مرّة أخرى لإزالة الأود والعوج الذي حصل في نظام المسلمين السياسي والاجتماعي ، وبناء النموذج الداخلي المثالي للدعوة إلى الإسلام ؛ بل إنّ عليّا عليهالسلام أقام ـ قبل تسلّمه مقاليد الأمور ـ مرابطا في الخندق العلمي لوجه الدين الإسلامي ، أمام تحدّيات المسائل الحرجة التي ابتليت بها الأمّة ولم يكن لها من يطّلع على حكم الشريعة فيها ، وقد ذكرت المصادر التاريخية الكثير من الموارد لذلك ، وكذا أمام تحدّي الملل والنحل الأخرى (٥).
__________________
(١). التوبة / ١١١.
(٢). التوبة / ١١٢.
(٣). وسائل الشيعة كتاب الجهاد أبواب جهاد العدو ب ١٢ / ح ٦.
(٤). شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ٩٠ ، السيرة الحلبية ٢ / ٨٧.
(٥). لاحظ : ما أخرجه الحافظ العاصمي في كتابه : زين الفتى في شرح سورة (هَلْ أَتى) ، في وفد النصارى ـ