وننتهي في الفتوحات إلى هذه النقطة : وهي أنّ عقدة الملل الأخرى ـ لا سيّما الغربيّين ـ النفسية والذهنية تجاه الدين الإسلامي ، وعدم إقبالهم عليه ، وعدم البحث عن حلّ لمشاكلهم من منظار ديننا ـ وإن كان له أسباب متعدّدة صاغها أعداء الإسلام والمسلمين ـ مضافا إلى النفسية العدوانية ، والعقلية الاستعلائية التي تصعّر بخدّهم ؛ إلّا إنّ شطرا مهمّا من تلك الأسباب هي ممارسات المسلمين أنفسهم ، وبالخصوص والتحديد هي رواسب الممارسات التي وقعت في فتوحات البلدان ..
فإنّ سلبيّات كيفية الأداء في هذه الفتوحات وما رافقها من تجاوز للموازين الدينية المقرّرة ، التي تحافظ على روح خلق الشريعة ، فإنّ الحفظ لحدود الله تعالى في باب الجهاد وغيره هو الكفيل الأمثل لدخول الناس أفواجا في دين الله تعالى ، والموجب لتحقّق الوعد الإلهي ـ الذي تأخّر إلى هذا اليوم ـ بإظهار الإسلام في كافّة أرجاء المعمورة.
سياسات الخلفاء في بلدان الفتوح
أمّا الثالث فلا نجد حاجة للإشارة إلى عبثه ولعبه (١). وأمّا الثاني فقد كان جملة من ولاته من هم من الطلقاء ، كما تقدّم ، ومن ولاته أيضا : عتبة بن أبي سفيان على الطائف ، وأبو هريرة على البحرين ، وعمرو بن العاص على مصر ، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام. وكان من جملة ولاته أيضا من هم من أصحاب السقيفة ، كسعد بن أبي وقّاص على الكوفة ، وأبو موسى الأشعري على البصرة ، وأبو عبيدة بن الجرّاح على موضع من الشام ، وخالد بن الوليد على موضع آخر لفترة.
ولمّا رأى عمر استثراء ولاته قام بمشاطرة أموالهم ، فأخذ منهم النصف وأبقى لهم النصف ، فاعترض عليه أبو بكرة ـ وكان أحد ولاته ـ قال له : والله لإن كان هذا المال لله
__________________
ـ وأسئلتهم لأبي بكر ، وغير ذلك من الوقائع.
(١). لاحظ : الغدير ٨ / ٩٧ ـ ٣٠٠.