فما يحلّ لك أن تأخذ بعضا وتترك بعضا ، وإن كان لنا فما لك أخذه. فقال له عمر : إمّا أن تكون مؤمنا لا تغلّ ، أو منافقا أفك. فقال له : بل مؤمن لا أغلّ (١). وقد تقدّم دفع عمر الحدّ عن المغيرة بن شعبة لمّا زنى بأمّ جميل.
وقام الشيخان بمنع تدوين الأحاديث النبوية وإحراق الكتب التي جمعت فيها ، والمعاقبة على ذلك بشدّة ، والمنع من نشر وانتشار أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصحابة إلى سائر الأمصار والتابعين (٢) ؛ كما أحرق عمرو بن العاص أكبر مكتبة في الاسكندرية بأمر عمر ؛ ذكر ذلك جرجي زيدان ، واستشهد بقول عبد اللطيف البغدادي والمقريزي والحاج خليفة (٣).
ولقد صدق قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكعب بن عجزة : «أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء. قال : وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال : أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي ، ولا يستنّون بسنّتي ، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا منّي ولست منهم». الحديث (٤).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّه سيكون بعدي أمراء ، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس منّي ولست منه وليس بوارد حوضي» (٥).
وقد روى الشافعي من طريق وهب بن كيسان ، عن ابن الزبير ، قوله : «كلّ سنن
__________________
(١). شيخ المضيرة : ٨٦ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٢١٨ ، الطبقات ٣ / ٢٢١ ، تاريخ الخلفاء : ٢٤١.
(٢). تاريخ المدينة المنوّرة ٣ / ٨٠٠ ، كنز العمّال ٢ / ٢٨٥ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ٧ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٢ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٢٠ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ١٠٢ ، الطبقات ٦ / ٢ وج ٥ / ١٨١.
(٣). تاريخ التمدّن الإسلامي : ٤٦ ، نقلا عن كتاب مختصر الدول ـ لأبي الفرج الملطي ـ : ١٨ ـ ط بوك أكسفورد.
(٤). المستدرك على الصحيحين ـ للحاكم ـ ٤ / ٤٢٢.
(٥). تاريخ بغداد ٢ / ١٠٧ وج ٥ / ٣٦٢ ، مسند أحمد ٤ / ٢٦٧.