باسم (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وذلك في رابع سورة نزلت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكّة قبل الهجرة وهي سورة المدثّر ، وكذلك سورة العنكبوت المكّية نزولا قبل الهجرة في قول الأكثر أيضا فالسورة الأولى وهي قوله تعالى :
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ) (١).
قد قابلت بين فئات أربعة ؛ فئتين من جهة وهما (الْمُؤْمِنُونَ) و (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) والفئتين من الجهة الأخرى (الْكافِرُونَ) و (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ، ومن الواضح أنّ (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) بحسب الآية ليسوا من الفئات الثلاث (الْمُؤْمِنُونَ)، و (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) و (الْكافِرُونَ) فيقتضي كونهم من المسلمين غير المؤمنين قلبا ، ويعطي هذا المعنى نفس عنوان (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) فان دلّ على أنّ مرضهم مستبطن في قلوبهم غير ظاهر أي أنّ ظاهرهم يبدو عليهالسلامة ، أي للاسلام.
ويدلّل على ذلك أيضا بأنّ هذه الفئة يلاحقها القرآن الكريم بعد ذلك في أغلب السور المدنية نزولا ، وفي الوقائع الخطيرة التي حدثت للمسلمين في المدينة حتّى آخر حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويخصّهم القرآن الكريم بهذا العنوان مائزا بينهم وبين عنوان المنافقين ، حيث يسند لهم أدوارا أكثر خطورة وضررا على الدين من المنافقين أي أنّ المراد بالعنوان الثاني في القرآن عموم أهل النفاق ممّن قد ظهر التواءه بنحو أو بآخر بخلاف أصحاب العنوان الأوّل فإنّهم محترفو النفاق قد احترفوا عملية التسلل والنفود في جسم المسلمين منذ أوائل الدعوة للاسلام حتى آخر حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما سنشير إلى ذلك
__________________
(١). المدثّر / ٣١.