والمنافقين وأنشطتهم المضادّة لمحور المسيرة الإلهية وهو المسير النبوي.
وفي سورة التوبة المتقدّمة ، المستعرضة لنماذج منهم ـ بعد قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ ... وَمِنْهُمُ ...) ـ : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ* يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ* أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) (١) ومنهم من آذى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ابنته فاطمة عليهاالسلام (٢).
فمع هذا كلّه كيف لا يتحرّج المؤمن المتديّن في محبّة كلّ مكّيّ أسلم وانتقل إلى المدينة ، وكلّ مدنيّ أسلم؟! وقد تقدّم حديث حذيفة الذي رواه مسلم في كتاب المنافقين أنّ أصحاب مؤامرة العقبة ـ بعد غزوة تبوك ـ اثنا عشر هم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
أليس من حادّ الله ورسوله ، وجعل نفسه ندّا لهما ، منافق ذو شقاق لله ورسوله ، فكيف يتّخذونه وليّا ومحبوبا وقد قال تعالى :
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ* وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (٣)؟!
فمع كلّ هذا النكير والتحذير القرآني من اتّباع وموادّة من حادّ الله تعالى ورسوله ، من النماذج الطالحة التي كانت تعايش النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المدينة ، أو في ركبه في القتال ، كما
__________________
(١). التوبة / ٦١ ـ ٦٣.
(٢). انظر : مسند أحمد ١ / ٤ و ٦.
(٣). البقرة / ١٦٥ ـ ١٦٧.