فان كان ذلك الوجه معدوما كان فيه إثبات شيء واحد موجودا ومعدوما. وإن كان موجودا لم يخل من أن يكون مخلوقا أم لا. فان كان مخلوقا ثبت أنه مخلوق من كل وجه. وان لم يكن مخلوقا صار العقل قديما من وجه خلقا من وجه آخر. وهذا محال فألزم على هذا كون الشيء مرادا من وجه مكروها من وجه آخر وقبل له إنّ الإرادة عندك لا تتعلق بالشيء إلا على جهة الحدوث. وكذلك الكراهة. فاذا كان مرادا من جهة مكروها من جهة أخرى وجب أن يكون المريد قد اراد ما اراد وكره ما اراد. وهذا متناقض. فقال لا يكون المريد للشىء مريدا له إلا من جميع وجوهه حتى لا يجوز أن يكرهه من وجه فألزم عليه المعلوم والمجهول اذ لا ينكر كون شيء واحد معلوما من وجه مجهولا من وجه آخر. ولما ارتكب قوله بأن الشيء الواحد لا يكون مرادا من جهة مكروها من جهة أخرى حلّت على نفسه مسائل فيها هدم اصول المعتزلة. وقد ارتكب اكثرها. منها انه يلزمه ان يكون من القبائح العظام ما لم يكرهه الله تعالى ومن الحسن الجميل ما لم يرده. وذلك انه اذا كان السجود لله تعالى عبادة عبادة الصنم مع ان السجود للصنم قبيح عظيم. وكذلك اذا اراد أن يكون القول بأنّ محمدا رسول الله إخبارا عن محمد بن عبد الله