قلت : وفي هذا وأشباهه حجة واضحة على نفي احتمال إرادة أن يكون خليفة رابعا كما لا يخفى ، هذا وكون علي عليهالسلام وخواصه من بني هاشم وسائر الناس لم يرضوا بيعة أبي بكر اختيارا (١) مما لا يحتاج إلى بيان لمن نظر الحديث والتواريخ والأخبار ، كيف وعلي عليهالسلام لم يزل شاكيا ومتعرضا على من تقدمه بالخلافة ، فمن ذلك خطبته في نهج البلاغة الموسومة (بالشقشقية) وهي مشهورة (٢). وخطبته التي خطبها بعد مبايعة الناس له وهي مشهورة (٣) ، رواها أهل التواريخ والعلماء ، وذكرها ابن عبد ربه في الجزء الرابع من كتاب (العقد) (٤) ، وأبو هلال العسكري في كتاب (الأوائل) وغير ذلك (٥).
ومما يوضح ذلك ويزيده بيانا ، ويذهب الشك عنه ، ويحقق أن بيعة علي عليه
__________________
البلاغة ٤ / ١٩٧ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ١٥ / ط ١ مصر.
(١) عن استخدام القوة في بيعة أبي بكر ، راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ / ٢١٩ وج ٦ و ٩ و ١١ و ١٩ و ٤٠ و ٤٧ ـ ٤٩ ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل وج ١ / ٧٤ وج ٢ ص ١٤ ـ ١٩.
(٢) الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين (ع) ، سميت بذلك لقوله (ع) لابن عباس حين سأله أن يسترسل في خطبته بعد أن توقف بسبب مناولته كتابا من قبل بعض الحاضرين ، فأقبل ينظر إليه ، قال علي : «كلا إنها شقشقة هدرت ثم قرّت» ، والشقشقة شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج وصوت البعير عند إخراجه هدير. وأول الخطبة : أما والله ، لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا. راجع شرح النهج لابن ابي الحديد (١ / ١٥١ الى ١٦٠) وفيه ذكر الخطبة وشرحها ، نهج البلاغة للإمام علي الخطبة الثالثة ، الغدير ٧ / ٢ / ٨٥ فانه ذكر ٢٨ مصدرا لها.
(٣) مصادر نهج البلاغة وأسانيده ١ / ٣٥١ ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ٢ / ١٦٢ ، وشرح النهج لابن ميثم البحراني ١ / ٢٩٧ ، قال : ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ١ / ٣٧٥ : هذه الخطبة من جلائل خطبه ومن مشهوراتها رواه الناس كلهم.
(٤) العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي المتوفى سنة ٣٢٨ ه ، كما ذكره في البحار ج ٨ ص ١٦١ ط قديم الكمباني ، ثم جاءت الأيدي «الأمينة» على ودائع العلم فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع وكم لهم من أمثالها.
(٥) الأوائل لأبي هلال العسكري ص ١٣٨ ، وما هو نهج البلاغة للسيد الشهرستاني