في رابعة النهار ، حتى أن معاوية بعث إلى علي عليهالسلام في كتاب كتبه إليه يقول فيه : إنك كنت تقاد كما يقاد الجمل المخشوش ، حتى تبايع بغيره ويومه ، إنه لم يبايع طوعا ولا رضى بيعة أبي بكر حتى استكره عليها خاضعا ذليلا كالجمل اذا لم يعبر على قنطرة وشبهها فإنه يكره ونخش (١) بالرماح وغيرها ليعبر كرها (٢).
فكتب إليه علي عليهالسلام في الجواب عن هذا ما ذكره في نهج البلاغة المتواتر نقله عنه عليهالسلام من خطبه وكتبه وكلامه ما هذا لفظه : وقلت إني كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش (٣) حتى أبايع ، ولعمري والله لقد أردت أن تذم فمدحت ، وأن تفضح فافتضحت ، وما على المسلم من غضاضة (٤) في أن يكون مظلوما ، ما لم يكن شاكا في دينه ولا (٥) مرتابا بيقينه وهذه حجتي إلى غيرك قصدها ، ولكني أطلعت لك منها بقدر ما سنح (٦) من ذكرها (٧).
__________________
وفي مقدمة هؤلاء أمير المؤمنين (ع) وبنو هاشم ، راجع في ذلك : العقد الفريد ٤ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ١٣١ ـ ١٣٤ ط ١ مصر ، الغدير ٥ / ٣٧٠ ، مروج الذهب ٢ / ٣٠١ ، السيرة الحلبية ٣ / ٣٥٦ ، صحيح البخاري ج ٤ / كتاب المغازي ـ باب غزوة خيبر ٥ / ٨٢ ط دار الفكر ، صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير ٥ / ١٥٢ ط محمد علي صبيح.
(١) نخش الدابة ، ساقها شديدا.
(٢) مصادر نهج البلاغة وأسانيده ٣ / ٢٧٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ / ١٨٤ ، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة للمحقق الكبير المحمودي ٤ / ١٨٦.
(٣) المخشوش : الذي جعل في أنفه الخشاش ـ ككتاب ـ وهو خشبة توضع في أنف الفحل ليسهل قياده.
(٤) الغضاضة : النقص ، وأراد معاوية الغض من الإمام بقوده الى البيعة يوم السقيفة ، فقلبه الإمام عليه لعدم تفريقه بين ما يمدح به ويذم. وفي قوله عليهالسلام : ما لم يكن شاكا في دينه .. إلخ تعريض بمعاوية كما لا يخفى.
(٥) في نسخة الأصل : أو.
(٦) أي أن حجتي هذه على كوني مظلوما في أخذي لبيعة غيري فان المقصود بها غيرك ، إذ لست في هذا الأمر بشيء فتخاطب فيه ، و (سنح) بمعنى عرض.
(٧) نهج البلاغة ص ٣٨٧ رقم الكتاب ٢٨ ، وقال الشريف الرضي : وهو من محاسن كتبه ، مصادر نهج البلاغة وأسانيده ٣٥ / ٢٧٠ ، نهج السعادة في مستدرك نهج