(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١) ، قوله تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) (٢) ... إلى غير ذلك. ومنهم من تغير عن الحق وزلت قدمه. ومن المعلوم أنه عليهالسلام ما أراد إلا من خلا من النفاق من الصحابة ، ومن لم يتغير ، ولم تزل قدمه. وأمير المؤمنين عليهالسلام ممن خلا من الأمرين بإجماع الأمة ، بما دل عليه الكتاب والسنة ، وطريقه هو الذي عليه النبي عليهالسلام أو صحبه المتقون. فاتباعه يقتضي العمل بالحديث على الزيادتين بخلاف اتباع غيره ، لأن اتباعهم ، إنما ينجي حيث يكونون على ما عليه النبي عليهالسلام. فإذا تغيروا وحادوا عنه أو كانوا منافقين ، لم يكن اتباعهم منجيا وذلك ظاهر. فإن قال قائل : قد أتيت بدعوتين إحداهما : أن من الصحابة من كان منافقا ، ومنهم من تغير وحاد ، وثانيهما : أن عليا عليهالسلام لم يزل على الحق من غير تغيير ولا انحراف ، فبين لنا كل من الدعوتين ، بدليل يقبله الخصم ويرتضيه.
قلنا أما الأول : فبيانه من طريق الشيعة لا يحتاج إلى إظهار لوضوحه ، ومنه الخبر المشهور عن النبي عليهالسلام في وصيته لابن عباس ، ولعمار رضي الله عنهما حيث أخبره بوقوع الفتنة وإختلاف الآراء بعده ، وأوصاه بسلوك وادي علي عليهالسلام ، وإن انفرد به وسلك الناس جميعا غيره (٣). وفيه دلالة على الدعوتين معا ، وأما بيانه من طريق أهل السنة ، فما رواه الحميدي في الجمع بن الصحيحين ، وفي الحديث الأول من أفراد مسلم من مسند حذيفة بن اليمان العسي رضي الله عنه إلى أن قال : ولكن حذيفة أخبرني عن رسول الله قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : في أصحابي اثنا عشر منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وأربعة
__________________
(١) سورة التوبة ، آية ١٠١.
(٢) سورة التوبة ، آية ١٢٧.
(٣) كشف الغمة ١ / ١٤٣ ، ينابيع المودة للقندوري الحنفي ١٢٨ ، فرائد السمطين ١ / ١٧٨ ، منتخب الأثر للصافي ٩٩.