فلو كانت هذه عبادة الأصنام ، والشرك الأكبر لقاتل أهلَه الفرقةُ الناجيةُ المنصورون الظاهرون إلى قيام الساعة.
وهذا الذي ذكرناه واضحٌ جليٌّ ، والحمد لله ربّ العالمين.
ومن العجب أنّكم تزعمون : أنّ هذه الأمور ـ أي القبور ، وما يعمل عندها ، والنذور ـ هي عبادة الأصنام الكبرى.
وتقولون : إنّ هذا أمر واضحٌ جليٌّ ، يُعرف بالضرورة حتّى اليهود والنصارى يعرفونه!
فأقول ـ جواباً لكم عن هذا الزعم الفاسد ـ : سبحانك هذا بهتانٌ عظيم.
قد تقدّم ـ مراراً عديدةً ـ أنّ الأمّة بأجمعها على طبقاتها من قُرب ثمانمائة سنةٍ ملأت هذه القبورُ بلادَها ، ولم يقولوا : هذه عبادة الأصنام الكبرى.
ولم يقولوا : إنّ من فعل شيئاً من هذه الأمور فقد جعل مع الله إلهاً آخر.
ولم يجروا على أهلها حكم عُبّاد الأصنام ، ولا حكم المرتدّين أيّ رِدّة كانت.
فلو أنّكم قلتم : إنّ اليهود ـ لأنّهم قومٌ بُهت ، وكذلك النصارى ، ومن ضاهاهم في بَهت هذه الأمّة من مبتدعة الأمّةِ ـ يقولون : إنّ هذه عبادة الأصنام الكبرى.
لقلنا : صدقتم ، فما ذلك من بهتهم ، وحسدهم ، وغلوّهم ، ورميهم الأمّة بالعظائم بكثيرٍ.
ولكنّ الله سبحانه وتعالى مُخزيهم ، ومظهر دينه على جميع الأديان بوعده : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (١).
ولكن أقول : صدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث دعا للمدينة وما حولها ، ولليمن ،
__________________
(١) التوبة : ٣٣.