وقد يكون في بعضهم شعبةٌ من النفاق ، ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدَّرْك الأسفل من النار.
ومن قال إنّ الثنتين والسبعين فرقة كل واحدٍ منهم يكفر كفراً ينقل عن الملّة فقد خالف الكتاب ، والسنّة ، وإجماع الصحابة ، بل إجماع الأئمّة الأربعة ، وغير الأربعة.
فليس فيهم من كفّر كلَّ واحدٍ من الثنتين والسبعين فرقة ، انتهى كلامه.
فتأمّله وتأمّل حكاية الإجماع من الصحابة وغيرهم من أهل السُنّة ، مع ما تقدّم لك ممّا في مذاهبهم من الكفر العظيم ، لعلّك تنتبه من هذه الهُوّة التي وقعتَ فيها أنت وأصحابك.
وقال ابن القيّم في طُرُق أهل البدع الموافقين على أصل الإسلام ، ولكنّهم مختلفون في بعض الأصول ، كالخوارج ، والمعتزلة ، والقَدَريّة ، والرافضة ، والجهميّة ، وغُلاة المرجئة ، فهؤلاء أقسام :
أحدها : الجاهل المقلِّد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفّر ، ولا يفسَّق ، ولا تردّ شهادته ، إذا لم يكن قادراً على تعلّم الهدى ، وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان.
القسم الثاني : متمكّن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحقّ ، ولكن يترك ذلك اشتغالاً بدنياه ، ورئاسته ، ولذّاته ، ومعاشه ، فهذا مفرِّط مستحقّ للوعيد ، آثم بترك ما أوجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته.
فهذا إن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السُنّة والهدى رُدّت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السُنّة والهُدى على ما فيه من البدعة والهوى قُبلت شهادته.