إلى ذلك سبيلاً.
وقال الشيخ أيضاً : إنّي دائماً ومن جالسني يعلم منّي أنّي من أعظم الناس نهياً من أن يُنسب معيّنٌ إلى تكفيرٍ ، أو إلى تفسيقٍ ، أو معصيةٍ إلّا إذا عُلم أنّه قد قامت فيه الحجّة الرساليّة التي من خالفها كان كافراً تارةً ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أُخرى.
وإنّي أُقرّر أنّ الله قد غفر لهذه الأمّة خَطأها ، وذلك يعمّ الخطأ في المسائل الخبرية ، والمسائل العلميّة.
وما زال السلف يتنازعون في كثيرٍ من هذه المسائل ، ولم يشهد أحدٌ منهم على أحدٍ منهم معيّنٍ لأجل ذلك لا بكفرٍ ، ولا بفسقٍ ، ولا بمعصيةٍ.
كما أنكر شُريح قراءةَ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (١) وقال : إنّ الله لا يعجب.
إلى أن قال : وقد آل النزاع بين السلف إلى الاقتتال ، مع اتّفاق أهل السُنّة على أنّ الطائفتين جميعاً مؤمنتان ، وأنّ القتال لا يمنع العدالة الثابتة لهم! لأن المقاتل وإن كان باغياً فهو متأوّل! والتأويل يمنع الفسق.
وكنتُ أُبيّن لهم أنّ ما نُقل عن السلف والأئمّة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حقٌّ.
لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين.
وهذه أوّل مسألة تنازعتْ فيها الأمّة من مسائل الأصول الكبار ، وهي مسألة الوعيد ، فإنّ نصوصَ الوعيد ـ في القرآن ـ المطلقةَ عامّةٌ ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) ... الآية (٢) ، وكذلك سائر ما ورد : «مَن فَعَل كذا فله كذا ، أو فهو كذا».
__________________
(١) الصافات : ١٢.
(٢) النساء : ١٠.