وقال : إنّي لم أُومر أن أنقّب عن قلوب الناس ، ولا أشقّ بطونهم.
وكان إذا استؤذن في رجلٍ يقول : أليس يصلّي؟ أليس يشهد؟ فإذا قيل له : إنّه منافق ، قال ذلك.
فكان حكمه في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم ، ولا يستحلّ منها شيئاً ، مع أنّه يعلم نفاق كثيرٍ منهم ، انتهى كلام الشيخ.
قال ابن القيّم في (إعلام الموقّعين) (١) :
قال الإمام الشافعيّ : فرض الله سبحانه طاعته على خلقه ، ولم يجعل لهم من الأمر شيئاً ، وأنْ لا يتعاطوا حكماً على عيب أحدٍ بدلالةٍ ولا ظنٍّ ، لقصور علمهم عن علم أنبيائه الذين فرض عليهم الوقوف عمّا ورد عليهم حتّى يأتيهم أمره ، فإنّه سبحانه ظاهَرَ عليهم الحُجج ، فما جعل عليهم الحكم في الدنيا إلّا بما ظهر [من] المحكوم عليه.
ففرض على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ يقاتل أهل الأوثان حتّى يسلموا ، فيحقن دمائهم إذا أظهروا الإسلام.
واعلم أنّه لا يعلم صدقهم بالإسلام إلّا الله تبارك وتعالى ، ثمّ أطلع الله رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم على قومٍ يظهرون الإسلام ويسرّون غيره ، ولم يجعل له أنْ يحكم عليهم بخلاف حكم الإسلام ، ولم يجعل له أن يقضي عليهم في الدنيا بخلاف ما أظهروا.
فقال تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٢) يعني أسلمنا بالقول مخافة القتل والسبا.
ثمّ أخبر أنّه يجزيهم إن أطاعوا الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يعني : إن أحدثوا
__________________
(١) أعلام الموقّعين عن ربّ العالمين.
(٢) الحجرات : ١٤.