ويحكون مذهب أحمد بن حنبل ـ أحد أئمّة الإسلام الذي أجمعت الأمّة على إمامته ـ.
أتظنّون أنّ الجاهل يجب عليه أن يقلّدكم ، ويترك تقليد أئمّة أهل العلم؟
بل ، أجمع أئمّة أهل العلم ـ كما تقدّم ـ أنّه لا يجوز إلّا تقليد الأئمّة المجتهدين.
وكلّ من لم يبلغ رتبة الاجتهاد [له] أن يحكي ويفتي بمذاهب أهل الاجتهاد.
وإنّما رخّصوا للمستفتي أن يستفتي مثل هؤلاء ، لأنّهم حاكين مذاهب أهل الاجتهاد والتقليد للمجتهد ، لا للحاكي.
هذا صرّح به عامّة أهل العلم ، إن طلبته من مكانه وجدته ، وقد تقدّم لك ما فيه كفاية.
وإنّما المقصود : أنّ العبارة التي تستدلّون بها على تكفير المسلمين لا تدلّ لمرادكم.
وأنّ من نقل هذه العبارة واستدلّ بها هم الذين ذكروا النذر ، والدعاء ، والذبح ، وغيره ، ذكروا ذلك كلّه في مواضعه ، ولم يجعلوه كفراً مخرجاً عن الملّة ، سوى ما ذكره الشيخ في بعض المواضع في نوعٍ من الدعاء ، كمغفرة الذنوب ، وإنزال المطر ، وإنبات النبات ، ونحو ذلك ممّا ذكر أنّ هذا وإن كان كفراً فلا يكفّر صاحبه حتّى تقوم عليه الحجّة التي يكفّر تاركها ، وتزول عنه الشبهة.
ولم يحكه عن قوله ، ـ أي التكفير بالدعاء المذكور ـ إجماعاً حتّى تستدلّون ـ أنتم ـ عليه بالعبارة.
بل ـ والله ـ لازم قولكم تكفير الشيخ بعينه ، وأحزابه ، نسأل الله العافية.
وممّا يدل على أنّ ما فهمتم من العبارة غير صوابٍ : أنّهم عدّوا الأمور المكفّرات فرداً فرداً في كتاب الردّة في كل مذهبٍ من مذاهب الأئمّة.
ولم يقولوا أو واحد منهم : من نذر لغير الله كَفَر.