قال (١) : وحُكي لنا أنّ بعض المجاورين بالمدينة إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اشتهى عليه نوعاً من الأطعمة ، فجاء بعض الهاشميّين إليه فقال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث لك هذا ، وقال : اخرج من عندنا ، فإنّ من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا.
قال الشيخ (٢) : وآخرون قُضيت حوائجهم ولم يقل لهم مثل ذلك ، لاجتهادهم ، أو تقليدهم ، أو قصورهم في العلم ، فإنّه يغفر للجاهل ما لا يغفر لغيره ، ولهذا عامّة ما يُحكى في هذا الباب إنّما هو عن قاصري المعرفة ، ولو كان هذا شرعاً أو ديناً لكان أهل المعرفة أولى به.
فَفَرْقٌ بين العفو عن الفاعل والمغفرة له ، وبين إباحة فعله.
وقد علمتُ جماعةً ممّن سأل حاجته لبعض المقبورين من الأنبياء والصالحين ، فقُضيت حاجته.
وهؤلاء يخرج ممّا ذكرته ، وليس ذلك بشرعٍ فيُتّبع.
وإنّما يثبت استحباب الأفعال واتخاذها ديناً بكتاب الله وسُنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما كان عليه السابقون الأوّلون.
وما سوى هذا من الأمور المحدثة فلا تستحبّ ، وإن اشتملت أحياناً على فوائد (٣).
وقال أيضاً (٤) : صارت النذور المحرّمة في الشرع مأكل السدنة ، والمجاورين العاكفين على بعض المشاهد وغيرها ، وأولئك الناذرون يقول أحدهم : مرضت فنذرت ، ويقول الآخر : خرج عليّ المحاربون فنذرت ، ويقول الآخر : ركبت البحر
__________________
(١) اقتضاء الصراط المستقيم : ٣٥١.
(٢) المصدر السابق : ٣٥١.
(٣) المصدر السابق : ٣٥٢.
(٤) المصدر السابق : ٣٦٠.