تابوا لا يتناول الفاسق فإن المراد تابوا عن الشرك ، إذ لا معنى لطلب مغفرة من تاب عن المعاصي وعمل صالحا (١) عندكم لكونه عبثا أو طلبا لترك الظلم بمنع المستحق حقه. هذا بعد تسليم دلالة التخصيص بالوصف على نفي الحكم عما عداه.
وعن الثالث ـ بما سبق في مسألة انقطاع (٢) عذاب صاحب الكبيرة.
وعن الرابع ـ أن المراد «اجعلنا من أهل الشفاعة» على تقدير المعاصي كما في قولنا : اجعلنا من أهل المغفرة وأهل التوبة. وتحقيقه أن المتصف بالصفات إذا اختص بكرامة منشأها بعض تلك الصفات دون البعض ، لم يكن استدعاء أهلية تلك الكرامة ، الا استدعاء الصفة التي هي منشأ تلك الكرامة. ألا يرى أن المعالجة ، وإن لم تكن إلا للمريض لكن قولك : اللهم اجعلني من أهل العلاج ليس طلبا للمرض ، بل لقوة المزاج. فكذا هاهنا الشفاعة ، وإن اختصت بأهل الكبائر ، لكن منشأها الإيمان ، وبعض الحسنات التي تصير سببا لرضى الشفيع عنه ، وميله إليه. وبهذا يخرج الجواب عما قالوا أن من حلف بالطلاق أن يعمل ما يجعله أهلا للشفاعة أنه يؤمر بالطاعات ، لا المعاصي.
(خاتمة) الكبيرة المعصية التي تشعر بعلة الاكتراث بالدين. وقيل : التي توعد عليها الشارع بخصوصها. وقيل ، الشرك (٣) ، والقتل (٤) ، والقذف (٥) ، والزنا (٦) والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم والعقوق والإلحاد في الحرم ، وقد يراد أكل الربا والسرقة وشرب الخمر.
__________________
(١) في (ب) بزيادة (وعمل عملا صالحا).
(٢) في (ب) انتهاء بدلا من (انقطاع).
(٣) قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).
(٤) قال تعالى : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً).
(٥) قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ). سورة النور آية ٢٣.
(٦) قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ). سورة الأنعام آية رقم ١٥١.