ظاهر قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) (١).
يدل على أن الكبائر متميزة عن الصغائر بالذات ، لا كما قيل أن كل سيئة فهي بالنسبة إلى ما فوقها صغيرة ، وبالنسبة إلى ما تحتها كبيرة ، لأنه لا يتصور حينئذ اجتناب الكبائر إلا بترك جميع المنهيات ، سوى واحدة هي دون الكل ، وأني للبشر ذلك. فمن هاهنا ذهب بعضهم إلى تفسير الكبيرة بأنها التي تشعر بقلة الاكتراث بالدين ، أو التي توعد عليها الشارع بخصوصها. وبعضهم إلى تعيين الكبائر ، ففي رواية ابن عمر (رضي الله تعالى عنه) أنها : الشرك بالله ، وقتل النفس بغير حق ، وقذف المحصنة ، والزنا ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، والإلحاد في الحرم. وزاد في رواية أبي هريرة : أكل الربا. وفي رواية على : السرقة ، وشرب الخمر.
قال : المبحث الرابع عشر ـ في التوبة.
(الندم على المعصية لكونها معصية. وهل الندم لخوف النار ، أو طمع الجنة ، ولقبح المعصية مع غرض آخر ، وعند مرض مخوف توبة؟ فيه تردد ، وقد يزاد قيد العزم على الترك في الاستقبال ، ويزاد على تقدير الخطور والاقتدار حتى لو سلب القدرة ، لم يشترط العزم على الترك. والظاهر أنه للبيان ، دون الاحتراز. ومعنى الندم الأسف والحزن ، وتمنى كونه لم يفعل.
__________________
(١) الحديث أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأدب ٥ باب إجابة دعاء بر الوالدين ٥٩٧٧ ـ حدثني محمد بن الوليد حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، حدثني عبيد بن عبد الله بن أبي بكر قال : سمعت أنس بن مالك ـ رضي الله عنه قال : ذكر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الكبائر ، أو سئل عن الكبائر فقال : وذكره. ورواه أيضا في الإيمان ١٦ والديات ٢ والاستتابة ١ ورواه الإمام الترمذي في تفسير سورة ٤ ، ٤ ، ٦ ، ٧ والنسائي في التحريم ٣ والقسامة ٤٨ والدارمي في الديات ٩ ، ورواه الإمام أحمد ابن حنبل في المسند ٢ ، ٢٠١ ٢١٤ ، ٣ : ٣٩٥؟ (حلبى).