فقال : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه .. إلى الآخر ، ثم قال : أخبرني عن الإسلام. فقال : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله .. إلى آخره ، فدل على أن الإيمان هو التصديق بالأمور المذكورة والإسلام هو الإتيان بالأعمال المخصوصة.
والجواب عن الأول أنا لا نعني اتحاد المفهوم بحسب أصل اللغة ، على أن التحقيق أن مرجع الأمرين إلى الإذعان والقبول كما مر والتصديق كما يتعلق بالإخبار بالذات ، فكذا بالأوامر والنواهي ، بمعنى كونها حقة ، وأحكاما من الله تعالى ، وكذا التسليم ، وعن الثاني بأن المراد الاستسلام والانقياد الظاهر خوفا من السيف ، والكلام في الإسلام المعتبر في الشرع. المقابل للكفر المنبئ عنه قولنا : آمن فلان وأسلم ، وعن الثالث أن تغاير المفهوم في الجملة كاف في العطف ، مع أنه قد يكون على طريق التفسير كما في قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) (١)
وعن الرابع أن المراد السؤال عن شرائع الإسلام ، أعني أحكامه المشروعة التي هي الأساس على ما وقع صريحا في بعض الروايات ، وعلى ما قال النبي (عليهالسلام) لقوم وفدوا عليه : أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ فقالوا : الله ورسوله أعلم فقال : «شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وأن تعطوا من المغنم الخمس» (٢) وكما قال (صلىاللهعليهوسلم) : «الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» (٣)
قال : المبحث الثالث ـ ظاهر الكتاب والسنة
(إن الإيمان يزيد وينقص ومنعه الجمهور لما أنه اسم للتصديق البالغ حد
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ١٥٧.
(٢) سبق تخريج هذا الحديث.
(٣) الحديث رواه أبو داود في كتاب السنة ١٤ والنسائي في الإيمان ١٦ وابن ماجه في المقدمة ٩ باب في الإيمان ٥٧ بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره.