سليمان الجوزجاني ، تلميذ محمد بن الحسن الشيباني (١) (رحمهالله) وما تريد من قرى سمرقند، وقد دخل الآن فيها بين الطائفتين اختلاف في بعض الأصول ، كمسألة التكوين ، ومسألة الاستثناء في الإيمان ، ومسألة إيمان المقلد وغير ذلك.
والمحققون من الفريقين لا ينسبون أحدهما إلى البدعة والضلالة خلافا للمبطلين المتعصبين ، حتى ربما جعلوا الاختلاف في الفروع أيضا بدعة وضلالة كالقول بحل متروك التسمية عمدا وعدم نقض الوضوء بالخارج النجس من غير السبيلين ، وكجواز النكاح بدون الولي (٢) ، والصلاة بدون الفاتحة (٣) ولا يعرفون أن البدعة المذمومة هو المحدث في الدين ، من غير أن يكون في عهد الصحابة والتابعين ، ولا دل عليه الدليل الشرعي. ومن الجهلة من يجعل كل أمر لم يكن في زمن الصحابة بدعة مذمومة ، وإن لم يقم دليل على قبحه تمسكا بقوله (عليهالسلام) : إياكم ومحدثات الأمور (٤).
ولا يعلمون أن المراد بذلك هو أن يجعل في الدين ما ليس منه. عصمنا الله من اتباع الهوى وثبتنا على اقتفاء الهدى بالنبي وآله.
قال : الفصل الرابع ـ في الإمامة.
(وهي رئاسة عامة في أمر الدين والدنيا خلافة عن النبي (صلىاللهعليهوسلم) وأحكامه في الفروع. إلا أنه لما شاعت من أهل البدع اعتقادات فاسدة مخلة بكثير من القواعد ، أدرجت مباحثها في الكلام).
لا نزاع في أن مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات ، وهي أمور
__________________
(١) هو محمد بن الحسن الشيباني ـ أبو عبد الله إمام بالفقه والأصول ولد عام ١٣١ ه وتوفي عام ١٨٩ ه راجع الفهرست لابن النديم ١ : ٢٠٣ والوفيات ١ : ٤٥٣
(٢) يقول الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم : «لا نكاح إلا بولي». وقال الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم : «أيما امرأة لم ينكحها الولي فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل».
(٣) قال الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» : رواه الإمام الترمذي في المواقيت ٦٩ والدارمي في الصلاة ٣٦.
(٤) رواه النسائي في كتاب العيدين ٢٢.