والجواب : أنه افتراء على موسى (عليهالسلام). ودعوى تواتره مكابرة (١). ولو صح لما ظهرت المعجزات على عيسى أو محمد (عليهماالسلام) ولأظهروه في زمانهما احتجاجا عليهما. ولو أظهروه لاشتهر لتوفر الدواعي ، على أنه كثيرا ما يعبر بالتأبيد ، فالدوام عن طول الزمان.
وثانيهما ـ أنه إما أن يكون صرح بدوام شريعته فيدوم ، أو بانقطاعها فيلزم تواتره لكونه من الأمور العظام التي تتوافر الدواعي (٢) على نقلها ولم تتواتر ، أو سكت عن الدوام والانقطاع ، فيلزم أن لا يتكرر ولا يتقرر (٣) إلى أوان النسخ وقد تقرر.
والجواب : أنه صرح بانقطاعها بالناسخ ولم يتواتر لعدم توفر الدواعي ، ولقلة الناقلين في بعض الطبقات ، إذ لم يبق من اليهود في زمان بخت نصر (٤) إلا أقل من القليل. أو سكت ، وقد تقرر وتكرر بناء على تكرر الأسباب والمحال ، أو على أن الأصل في الثابت هو البقاء حتى يظهر دليل العدم.
قال : المبحث الخامس
(المبحث الخامس ، قد دلت النصوص ، وانعقد الاجماع على أنه مبعوث إلى الناس كافة ، بل إلى الثقلين ، لا إلى العرب خاصة ، وأنه خاتم النبيين ، لا نبي بعده ، ولا نسخ لشريعته ، وأنه أفضل الأنبياء ، وأمته خير الأمم ، واختلفوا في الأفضل بعده ، فقيل : آدم ، وقيل : إبراهيم. وقيل : موسى ، وقيل : عيسى. وفضله النصارى على الكل بأنه روح من الله تعالى وتقدس وكلمته ألقاها إلى سيدة نساء العالمين المطهرة على الأدناس ، وتربى في حجر الأنبياء ، وتكلم في المهد ، ولم يخل قط عن التوحيد والشرائع ، ولم يلتفت إلى زخارف الدنيا ولذاتها ، ولم يسع في هلاك احد ، ولم يمت ، بل رفع إلى السماء ، واختص بمعجزات مثل الإحياء.
قلنا : بل الأفضل من كان في غاية التوحيد والمعارف وأنه في الخيرات
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (ممن ادعاه).
(٢) في (ب) الناس بدلا من (الدواعي)
(٣) سقط من (ب) لفظ (يتكرر).
(٤) هذا الملك الجبار كان له دور كبير في تشتيت جماعة اليهود.