ولا يذهلون من هذا الجانب ساعة ، لأن قوتهم القدسية من الكمال بحيث لا يشغلها شاغل عن ذلك الجناب ، ولهذا ينعى عليهم أدنى زلة عن منهج الصواب.
قال : المبحث التاسع ـ السحر
(إظهار أمر خارق للعادة بمباشرة أعمال مخصوصة ، يجري فيها التعليم والتعلم ، وتعين عليها شرة النفس ، وتتأتى فيها المعارضة ، وهو جائز عقلا كالكرامة والمعجزة ، وثابت سمعا بقوله تعالى : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ..) (١) الآية.
ولما ثبت من أنه سحر النبي صلىاللهعليهوسلم وعائشة ، وابن عمر (رضي الله عنهما) ، والطعن الكاذب من الكفرة في النبي صلىاللهعليهوسلم بأنه مسحور أريد به زوال العقل بالسحر ، والعصمة المشار إليها بقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (٢)
هي العصمة أن يهلكوه ، أو يوقعوا خللا في نبوته. وليس للساحر أن يفعل ما يشاء من الإضرار بالأنبياء ، وإزالة ملك الخلفاء وغير ذلك.
وقوله تعالى : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ) (٣)
لا يدل على أن كل سحر تخييل وتمويه ، بمنزلة الشعوذة على ما هو رأي المعتزلة. وأما الإصابة بالعين فتكاد تجري مجرى المشاهدات ، وفيها نزل قوله : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ) (٤)
واختلف القائلون بالسحر والعين في جواز الاستعانة بالرقى والعوذ ، وفي جواز تعليق التمائم ، والنفث ، والمسح ، والمسألة فرعية).
إظهار أمر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة أعمال مخصوصة يجري فيها التعلم والتلمذ ، وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة ، وبأنه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين ، وبأنه يختص ببعض الأزمنة أو الأمكنة أو الشرائط ،
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ١٠٢.
(٢) سورة المائدة آية رقم ٦٧.
(٣) سورة طه آية رقم ٦٦.
(٤) سورة القلم آية رقم ٥١.