وكذا الخامسة والسادسة حملا للحدود على حدود الإسلام ، ولإحاطة الخطيئة على غلبتها ، بحيث لا يبقى معها الإيمان ، هذا مع ما في الخلود من الاحتمال.
الثاني ـ أن الفاسق لو دخل الجنة لكان باستحقاق لامتناع دخول غير المستحق كالكافر. واللازم منتف لبطلان الاستحقاق بالإحباط أو الموازنة على ما سيجيء. ورد بمنع المقدمتين ، بل إنما يدخل بفضل الله ورحمته ووعده ومغفرته. وسنتكلم على الإحباط والموازنة.
الثالث ـ لو انقطع عذاب الفاسق لانقطع عذاب الكافر قياسا عليه بجامع تناهي المعصية.
ورد بمنع غلبة التناهي ، ومنع تناهي الكفر قدرا ، ومنع اعتبار القياس في مقابلة النص والإجماع وفي الاعتقادات.
الرابع ـ أن الوعيد بالعقاب الدائم لطف بالعباد لكونه أزجر على المعاصي. فإن منهم من لا يكترث بالعذاب المنقطع عند الميل إلى المستلذات ، ثم لا بد من تحقيق الوعيد تصديقا للخبر وصونا للقول عن التبديل.
ورد بمنع وجوب اللطف ، ومنع انحصاره في الدوام ، فإن من لا يكترث باللبث في الجحيم أحقابا ، قلما يستكثر الخلود فيها عقابا ، وإذ قد كان كل وعيد لطفا ، ولا شيء من الوعيد بلطف للكل ، فليكن لطف الخلود في النار مختصا بالكفار ، وكفى بوعيد النيران ، بل وعد الجنات لطفا ومزجرة لأهل الإيمان. ولو وجب ما هو الغاية في اللطف والزجر ، لما صح الاكتفاء بوعيد الخلود في النار لإمكان المزيد.
قال : المبحث الحادي عشر ـ
(المؤمن إذا خلط الحسنات بالسيئات فعندنا في الجنة ، ولو بعد النار. وعند المعتزلة مخلد في النار ذهابا إلى أن السيئات تحبط الحسنات. حتى ذهب الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط جميع الطاعات. وهو فاسد سمعا للنصوص الدالة على أن الله لا يضيع أجر المحسنين ، وعقلا للقطع بقبح إبطال ثواب طاعة مائة سنة بشرب جرعة من الخمر ، ولأن جهة الاستحقاق عندهم ، وهو