الله عنه) إذ التعمد على الحقيقة إنما يكون من المستحل أو بأن التعليق بالوصف يشعر بالحيثية ، فيخص بمن قتل المؤمن لإيمانه. أو بأن الخلود ، وإن كان ظاهرا في الدوام. والمراد هاهنا المكث الطويل جمعا بين الأدلة. لا يقال : الخلود حقيقة في التأييد لتبادر الفهم إليه ، ولقوله تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) (١)
ولأنه يؤكد بلفظ التأبيد مثل : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) (٢)
وتأكيد الشيء تقوية لمدلوله ، ولأن العمومات المقرونة بالخلود متناوله للكفار. والمراد في حقهم التأبيد وفاقا. فكذا في حق الفساق لئلا يلزم إرادة معنيي المشترك أو المعنى الحقيقي والمجازي معا ، لأنا نقول : لا كلام في أن المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق والشائع في الاستعمال هو الدوام. لكن قد يستعمل في المكث الطويل المنقطع ، كسجن مخلد ، ووقف مخلد ، فيكون محتملا على أن في جعله لمطلق المكث الطويل نفيا للمجاز والاشتراك فيكون أولى ، ثم ان المكث الطويل سواء جعل معنى حقيقيا أو مجازيا أعم من أن يكون مع دوام كما في حق الكفار ، وانقطاع كما في حق الفساق. فلا محذور في إرادتهم جميعا وحتى فلا نسلم أن التأبيد تأكيد ، بل تقييد. ولو سلم فالمراد أنه تأكيد لطول المكث ، إذ قد يقال : حبس مؤبد ، ووقف مؤبد.
وعن الثالثة بأنها في حق الكافرين المنكرين للحشر بقرينة قوله : (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٣).
مع ما في دلالتها على الخلود من المناقشة الظاهرة ، لجواز أن يخرجوا عند عدم إرادتهم الخروج باليأس أو الذهول ، أو نحو ذلك.
وعن الرابعة بعد تسليم إفادتها النفي عن كل فرد ، ودلالتها على دوام عدم الغيبة إنما يخص بالكفار جمعا بين الأدلة.
__________________
(١) سورة الأنبياء آية رقم ٣٤.
(٢) سورة التوبة آية رقم ١٠٠.
(٣) سورة السجدة آية رقم ٢٠.