(يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ. وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) (١).
وعدم الغيبة عن النار خلود فيها : وقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٢)
وليس المراد تعدي جميع الحدود بارتكاب الكبائر كلها تركا وإتيانا ، فإنه محال ، لما بين البعض من التضاد كاليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية. فيحمل على مورد الآية من حدود المواريث. وقوله : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣).
والجواب بعد تسليم كون الصيغ للعموم أن العموم غير مراد في الآية الأولى ، للقطع بخروج التائب وأصحاب الصغائر ، وصاحب الكبيرة الغير المنصوصة إذا أتى بعدها بطاعات يربى ثوابها على عقوباته ، فليكن مرتكب الكبيرة من المؤمنين أيضا خارجا بما سبق من الآيات والأدلة. وبالجملة فالعام المخرج منه البعض لا يفيد القطع وفاقا. ولو سلم ، فلا نسلم تأبيد الاستحقاق ، بل هو مغيّا بغاية رؤية الوعيد لقوله بعده : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) (٤)
ولو سلم فغايته الدلالة على استحقاق العذاب المؤبد ، لا على الوقوع كما هو المتنازع لجواز الخروج بالعفو. وما يقال من أنا لا نسلم كون «حتى» للغاية بل هي ابتدائية. ولو سلم فغاية لقوله : (يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) (٥)
أو لمحذوف ، أي يكونون على ما هم عليه حتى يروا ، فخارج عن قانون التوجيه. وكذا ما يقال : إنه لما ثبت الاستحقاق المؤبد جزما وهو مختلف فيه حصل إلزام الخصم ، ولم يثبت العفو ، والخروج بالشك.
وعن الثانية بأن معنى «متعمدا» مستحلا فعله على ما ذكره ابن عباس (رضي
__________________
(١) سورة الانفطار آية رقم ١٤ ، ١٥ ، ١٦.
(٢) سورة الجن آية رقم ٢٣.
(٣) سورة البقرة آية رقم ٨١.
(٤) سورة مريم آية رقم ٧٥.
(٥) سورة الجن آية رقم ١٩.