فلم أترك إلا بعض الناس. وقد يستدل بسوق أحد الاسمين مساق الآخر ، كقوله تعالى :
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١) (إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) (٢) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٣) (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا ..) إلى قوله : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٤).
الى غير ذلك من الآيات.
وذهبت الحشوية ، وبعض المعتزلة إلى تغايرهما نظرا إلى ان لفظ الإيمان ينبئ عن التصديق فيما أخبر الله تعالى على لسان رسله ، ولفظ الإسلام عن التسليم والانقياد ، ومتعلق التصديق يناسب أن يكون هو الإخبار ، ومتعلق التسليم الأوامر والنواهي : وتمسكا بإثبات أحدهما ، ونفي الآخر كقوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٥).
وبعطف أحدهما على الآخر كما في قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ..) (٦) الآية. (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) (٧)
والتسليم هو الإسلام. وبأن جبريل لما جاء لتعليم الدين سأل النبي عن كل منهما على حدة ، وأجاب النبي لكل بجواب. وذلك أنه قال : أخبرني عن الإيمان ،
__________________
(١) سورة الحجرات آية رقم ١٧.
(٢) سورة الروم آية رقم ٥٣.
(٣) سورة آل عمران آية رقم ١٠٢.
(٤) سورة آل عمران آية رقم ٨٤.
(٥) سورة الحجرات آية رقم ١٤.
(٦) سورة الأحزاب آية رقم ٣٥.
(٧) سورة الأحزاب آية رقم ٢٢.