الإيمان دار الإسلام ، وبالعكس ، وعلى أن الناس كانوا في عهد النبي (عليهالسلام) ثلاث فرق : مؤمن ، وكافر ، ومنافق ، لا رابع لهم والمشهور من استدلال القوم وجهان :
أحدهما ـ أن الإيمان لو كان غير الإسلام ، لم يقبل من مبتغيه لقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (١)
واللازم باطل بالاتفاق ، واعترض بأنه يجوز أن يكون غيره. لكن لا يكون دينا غيره ، لكون الدين عبارة عن الطاعات على ما سبق. وقد عرفت ما فيه. بل المراد بالدين الملة والطريقة الثابتة من النبي (عليهالسلام) والإيمان كذلك ، وإن استمر في إطلاق أهل الشرع دين الإسلام ولم يسمع دين الإيمان وذلك لاشتهار لفظ الإسلام في طريقة النبي ، واعتبار الإضافة إليه حتى صار بمنزلة اسم لدين محمد (عليهالسلام). ولفظ الإيمان في فعل المؤمن من حيث الإضافة إليه ، ولم يصر بمنزلة الاسم للدين ولهذا كثيرا ما يفتقر في الإيمان إلى ذكر المتعلق مثل : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (٢).
وغير ذلك ، بخلاف الإسلام.
وثانيهما ـ أنه لو كان غيره ، لم يصح استثناء أحدهما من الآخر. واللازم باطل ، لقوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣)
أي فلم نجد ممن كان فيها من المؤمنين إلا أهل بيت من المسلمين. واعترض بأنه يكفي لصحة الاستثناء الإحاطة والشمول بحيث يدخل المستثنى تحت المستثنى منه. ولا يتوقف على اتحاد المفهوم ، وقد عرفت أن المراد بالاتحاد عدم التغاير بمعنى الانفكاك ، نعم لو قيل : إنه لا يتوقف على المساواة أيضا ، بل يصح مع كون المؤمن أعم كقولك : أخرجت العلماء فلم أترك إلا بعض النحاة ، لكان شيئا لا بالعكس على ما سبق إلى بعض الأوهام ، ذهابا إلى صحة قولنا : أخرجت العلماء
__________________
(١) سورة آل عمران آية رقم ٨٥.
(٢) سورة الحديد آية رقم ٧ وتكملة الآية (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ).
(٣) سورة الذاريات آية رقم ٣٦.