التفاوت راجعا إلى مجرد الجلاء والخفاء غير مسلم ، بل عند الحصول وزوال التردد التفاوت بحالة ، وكفاك قول الخليل صلىاللهعليهوسلم مع ما كان له من التصديق : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١) وعن علي (رضي الله عنه) : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. على أن القول بأن المعتبر في حق الكل هو اليقين وأن ليس للظن الغالب الذي لا يخطر معه النقيض بالبال حكم اليقين محل نظر ، احتج القائلون بالزيادة والنقصان ، بالعقل والنقل. أما العقل فلأنه لو لم يتفاوت ، لكان إيمان آحاد الأمة ، بل المنهمك في الفسق مساو بالتصديق الأنبياء والملائكة ، واللازم باطل قطعا. وأما النقل فلكثرة النصوص الواردة في هذا المعنى قال الله تعالى :
(وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) (٢) (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) (٣) (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) (٤) (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) (٥) (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) (٦).
وعن ابن عمر (رضي الله تعالى عنه) : قلنا : يا رسول الله ، إن الإيمان هل يزيد وينقص؟ قال : «نعم ، يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة ، وينقص حتى يدخل صاحبه لنار»(٧).
وعن عمر (رضي الله تعالى عنه) ، وروي مرفوعا : «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ٢٦٠.
(٢) سورة الأنفال آية رقم ٢.
(٣) سورة الفتح آية رقم ٤.
(٤) سورة المدثر آية رقم ٣١.
(٥) سورة الأحزاب آية رقم ٢٢.
(٦) سورة التوبة آية رقم ١٢٤.
(٧) الحديث : أخرجه الإمام البخاري في كتاب الإيمان ٣٣ باب زيادة الإيمان ونقصانه وقول الله تعالى : (وَزِدْناهُمْ هُدىً). (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) وقال : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص. قال ابن بطال. التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل فمن قل دلمه كان تصديقه مثلا بمقدار ذرة والذي فوقه في العلم تصديق بمقدار برة أو شعيرة إلا أن أصل التصديق الحاصل في قلب كل أحد منهم لا يجوز عليه النقصان ، ويجوز عليه الزيادة.