العباسية ، ولقوله (صلىاللهعليهوسلم) : «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تصير ملكا عضوضا» (١) وقد تم ذلك بخلافة علي (رضي الله تعالى عنه) فمعاوية ومن بعده ملوك وأمراء لا أئمة ولا خلفاء. واللازم منتف ، لأن ترك الواجب معصية وضلالة. والأمة لا تجتمع على الضلالة.
قلنا : إنما يلزم الضلالة لو تركوه (٢) عن قدرة واختيار لا عجز واضطرار ، والحديث مع أنه من باب الآحاد يحتمل الصرف إلى الخلافة على وجه الكمال. وهاهنا بحث آخر ، وهو أنه إذا لم يوجد إمام على شرائطه ، وبايع طائفة من أهل الحل والعقد (٣) قرشيا فيه بعض الشرائط ، من غير نفاذ لأحكامه ، وطاعة من العامة لأوامره ، وشوكة بها يتصرف في مصالح العباد ، ويقدر على النصب والعزل لمن أراد ، هل يكون ذلك إتيانا بالواجب؟ وهل يجب على ذوي الشوكة (٤) العظيمة من ملوك الأطراف ، المتصفين بحسن السياسة والعدل والإنصاف أن يفوضوا الأمر إليه بالكلية ويكونوا لديه كسائر الرعية؟ وقد يتمسك بمثل قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٥).
وقوله (صلىاللهعليهوسلم) : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية».
فإن وجوب الطاعة والمعرفة يقتضي وجوب الحصول ، وإما أنه لا يجب علينا عقلا ، ولا على الله أصلا فلما مر من بطلان الأصلين.
قال : قالوا : احتج القائلون بوجوبه
__________________
(١) الحديث رواه الإمام الترمذي في كتاب الفتن ٤٨ باب ما جاء في الخلافة ٢٢٢٦ ـ حدثنا أحمد ابن منيع ، حدثنا شريح بن النعمان حدثنا حشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان قال : حدثني سفينة قال قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وذكره. ثم قال لي سفينة أمسك خلافة أبي بكر ، وخلافة عمر ، وخلافة عثمان.
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (ورأيه).
(٣) سقط من (ب) لفظ (العقد).
(٤) في (ب) أصحاب القوة بدلا من (ذوي الشوكة).
(٥) سورة النساء آية رقم ٥٩.