خرج عليه أهل الطغيان ، فاستسلم حتى كان ما كان ، واجتمع أهل الحل والعقد على مبايعة علي ومتابعته ولم يكن هيجان الفتن لاختلاف في خلافته ، ثم آل الأمر إلى الحسن (١) (رضي الله تعالى عنه) بعد ستة أشهر من بيعته سلمه لمعاوية حقنا للدماء وإبقاء على الذماء ، وإطفاء للنائرة الثائرة بين الدهماء ، على ما أخبر به خير الأنبياء ، فصار الملك إليه ، وانقضت الإمامة .. وهلم جرا إلى أن قامت القيامة).
مرض أبو بكر (رضي الله عنه) مرضه الذي توفي فيه في جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة بعد ما انقضت من خلافته سنتان وأربعة أشهر ، أو ستة أشهر ، فتشاور الصحابة وجعل الخلافة لعمر ، وقال لعثمان (رضي الله عنه) : اكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا ، خارجا عنها وأول عهده بالآخرة ، داخلا فيها ، حين يؤمن الكافر ، ويوقن الفاجر ، ويصدق الكاذب ، إني استخلف عمر بن الخطاب ، فإن عدل فذاك ظني به ورأيي فيه ، وإن بدل وجار فلكل امرئ ما اكتسب ، والخير أردت ، ولا أعلم الغيب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» ، وعرضت الصحيفة على جملة الصحابة فبايعوا لمن فيها ، حتى مرت بعلي (رضي الله عنه) فقال : بايعنا لمن فيها وإن كان عمر فانعقدت له الإمامة بنص الإمام الحق ، وإجماع أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار ، فقام عشر سنين ونصفا ، يأمر بالعدل والسياسة ، ونظم قوانين الرئاسة ، وتقوية الضعفاء وقهر الأعداء ، واستئصال الأقوياء الأغوياء وإعلاء لواء الإسلام ، وتنفيذ الشرائع والأحكام ، بحيث صار ذلك كالأمثال في الأمصار وطار كالأمطار في الأقطار.
واستشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة على يد أبي لؤلؤة ، غلام
__________________
(١) هو الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي أبو محمد خامس الخلفاء الراشدين وآخرهم ، وثاني الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، ولد في المدينة المنورة عام ٣ ه وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو أكبر أولادها كان عاقلا حليما محبا للخير ، بايعه أهل العراق بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة ٤٠ ه وأشاروا عليه بالمسير إلى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ولكنه آثر الصلح واشترط شروطا على معاوية سنة ٤١ ه وسمي هذا العام عام الجامعة توفي عام ٥٠ ه راجع تهذيب التهذيب ٢ : ٢٩٥ والإصابة ١ : ٣٢٨ واليعقوبي ٢ : ١٩١.