للمغيرة بن شعبة ، طعنه وهو في الصلاة ، وحين علم بالموت قال : ما أجد أحدا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنهم راض فسمى عليا ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص. وجعل الخلافة شورى بينهم ، فاجتمعوا بعد دفن عمر (رضي الله عنه) فقال الزبير : قد جعلت أمري إلى علي. وقال طلحة : قد جعلت أمري إلى عثمان. وقال سعد : قد جعلت أمري الى عبد الرحمن بن عوف ثم جعلوا الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف ، فأخذ بيد علي (رضي الله تعالى عنه) وقال : تبايعني على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين. فقال : على كتاب الله ، وسنة رسول الله ، وأجتهد برأيي. ثم قال مثل ذلك لعثمان فأجابه إلى ما دعاه ، وكرر عليهما ثلاث مرات ، فأجابا بالجواب الأول ، فبايع عثمان وبايعه الناس ، ورضوا بإمامته. وقول علي (رضي الله تعالى عنه) : «وأجتهد برأيي» ليس خلافا منه في إمامة الشيخين بل ذهابا إلى أنه لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر ، بل عليه اتباع اجتهاده ، وكان من مذهب عثمان وعبد الرحمن أنه يجوز إذا كان الآخر أعلم وأبصر بوجوه المقاييس.
ثم خرج على عثمان بعد اثنتي عشرة سنة من خلافته رعاع وأوباش من كل أوب ، وأرذال من خزاعة ، ليس فيهم أحد من كبار الصحابة وأهل العلم ومن يعتد به من أوساط الناس. فقتلوه ظلما وعدوانا في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. ولو استحق القتل أو الخلع لما ترك أكابر الصحابة ومن بقي من أهل الشورى ، ومن المبشرين بالجنة ذلك إلى جمع من الأوباش والأرذال ومن لا سابقة له في الإسلام ، ولا علم بشيء من أمور الدين ثم اجتمع الناس بعد ثلاثة ايام على علي (رضي الله تعالى عنه) والتمسوا منه القيام بأمر الخلافة لكونه أولى الناس بذلك. وأفضلهم (١) في ذلك الزمان ، فقبله بعد امتناع كثير ومدافعة طويلة ، وبايعه جماعة ممن حضر كخزيمة بن ثابت ، وأبي الهيثم بن التيهان ، ومحمد بن مسلم ، وعمار ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد الله بن عباس وغيرهم. وكذا طلحة والزبير ، وقد صحت توبتهما عن مخالفته ، وكذا بايعه عبد الله بن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ،
__________________
(١) في (ب) وفضلهم بدلا من «وأفضلهم» ولعل ذلك تحريف.