فعل وترك. فمسارعة البعض إليها أو كونه من زمرة الأخيار لا ينافي صدور ذنب عن آخر سيما سهوا أو مع التوبة (١). وبالجملة فدلالة الوجوه المذكورة على نفي الكبيرة سهوا ، أو الصغيرة الغير المنفر عمدا على ما هو المتنازع محل نظر ، احتج المخالف بما نقل من أقاصيص الأنبياء ، وما شهد به كتاب الله من نسبة المعصية والذنب إليهم ، ومن توبتهم واستغفارهم وأمثال ذلك.
والجواب عنه إما إجمالا فهو أن ما نقل آحادا مردود وما نقل متواترا أو منصوصا في الكتاب محمول على السهو والنسيان أو ترك الأولى ، أو كونه قبل البعثة ، أو غير ذلك من المحامل والتأويلات ، وإما تفصيلا فمذكور في التفاسير وفي الكتب المصنفة في هذا الباب. أما في قصة آدم (عليهالسلام) فأمران.
أحدهما ـ ما ورد في التنزيل من أنه عصى وغوى وأزله الشيطان ، وخالف النهي عن أكل الشجرة ، وبنزع اللباس ، والإخراج من الجنة ثم تاب الله تعالى عليه واجتباه.
والجواب : أنه كان قبل البعثة كيف ولم تكن له في الجنة أمة أو كان عن نسيان لقوله تعالى : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٢).
أو كان زلة وسهوا حيث ظن أن المنهي شجرة بعينها ، وقد قرب فردا آخر من جنسها ، وإنما عوتب لترك التيقظ والتنبه لإصابة المراد. وقد يعتذر بأنه وإن كان عمدا ، لكن لم يكن إلا صغيرة ، وهذا هو الظاهر ، إلا إن فيه تسليما للمدعي.
وثانيهما ـ قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها)(٣). إلى قوله : (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما).
ولم يقل أحد في حق الأنبياء بالشرك في الألوهية ولو قبل البعثة ، فالوجه على
__________________
(١) التوبة : هي الرجوع إلى الله بحل عقدة الإصرار عن القلب ثم القيام بكل حقوق الرب. والتوبة النصوح : هي توثيق بالعزم على أن لا يعود لمثله. قال ابن عباس : التوبة النصوح : الندم بالقلب ، والاستغفار باللسان ، والإقلاع بالبدن ، والإضمار على أن لا يعود.
(٢) سورة طه آية رقم ١١٥.
(٣) سورة الأعراف آية رقم ١٨٩ ، ١٩٠.