وبمحل دون آخر ، وذلك المحل هو المادّة ، كما ستعرف.
ومن هذا يظهر أن كلّ حادث فله مادّة.
وصل
الإمكان الاستعدادي له حظّ من الوجود ؛ لكونه بالفعل من جهة أخرى غير جهة كونها قوّة وإمكانا لشيء ، فإنّ المني ـ مثلا ـ وإن كان بالقياس إلى حصول الصورة الإنسانية له بالقوة ، لكن بالقياس إلى نفسه وكونه ذا صورة منوية بالفعل فهو ناقص الإنسانية ، تام المنوية ، وهذا بخلاف الإمكان الذاتي ، الّذي هو أمر سلبي محض ، وليس له من جهة أخرى معنى محصّل.
وأيضا المقوي عليه في الإمكان الاستعدادي هو أمر معيّن ، وصورة خاصة ، كالإنسانية في مثالنا ، بخلاف ما يضاف إليه الإمكان الذاتي ؛ لأنّه مطلق الوجود والعدم ، إنّما التعيّن ناشىء من قبل الفاعل من غير استدعاء الماهية بإمكانها إياه.
وأيضا الإمكان الاستعدادي يزول عند طريان ما هو استعداد له ؛ لأنّه إنّما هو بحسب حال الماهية قبل وجودها ، بخلاف الإمكان الذاتي الّذي هو بحسب حال الماهية في مرتبة بطلان نفسها ، وباعتبار عدم ذاتها ، فالذاتي أشدّ فيما تستدعيه الممكنية من القوّة والفاقة والشرّ ، ولأجل أن للاستعدادي حظّا من الوجود يقبل الشدّة والضعف بحسب القرب من الحصول والبعد عنه ، فاستعداد النطفة ـ مثلا ـ للصورة الإنسانية أضعف من استعداد العلقة لها ، وهو من استعداد المضغة ، وهكذا إلى استعداد البدن الكامل بقوته وأعضائه ، مع مزاج صالح لها.