وأمّا الثاني : فلأنّ صدق مفهوم الوجود على حقيقة كلّ وجود من قبل صدق ذاتيات الشيء عليه ؛ حيث إنها ضرورية ذاتية مادامت الذات متحقّقة ، كما سنبينه ، فحيث تحقق الوجود فقد وجب بذاته ، وحيث لم يتحقق فقد امتنع بذاته.
نعم ، لو جرّدت الوجودات الخاصة الإمكانية بحسب الفرض عن تعلّقها بجاعلها لم يبق لها عين وذات أصلا ، بخلاف الماهيات ، فإنها حين صدور وجودها عن المبدأ بحسب ذاتها ممكنة الوجود.
أصل
كل ممكن لحقه الوجود والوجوب بغيره في وقت من الأوقات ، فإنّه كما يمتنع عدمه في ذلك الوقت ، كذلك يمتنع عدمه في مطلق نفس الأمر ، أي ارتفاعه عن الواقع مطلقا ، بلا تقييده بالأوقات المباينة لذلك الوقت ؛ لأنّ ارتفاعه عن الواقع إنّما يصح بارتفاعه عن جميع مراتب الواقع ، والمفروض خلافه ، فمعنى جواز العدم للممكن الموجود في وقت ، جوازه بالنظر إلى ماهيته ، لا بالنظر إلى الواقع.
أصل
إذا صدر شيء من الفاعل ، فلا يفتقر بعد صدوره منه إلى جاعل يجعل ذاته تلك الذات ؛ لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري ، والضروري لا يفتقر إلى السبب ، فالإنسان ـ مثلا ـ إذا وجد فقد استغنى عن جاعل يجعله إنسانا ، فهو واجب