سببيتها لاختياره باختياره ، أو لا ، فعلى الأوّل يعود الكلام وينجرّ إلى التسلسل في الاختيارات ، وعلى الثاني يكون وجود الاختيار فيه لا بالاختيار ، فيكون مضطرّا ومحمولا على ذلك الاختيار من غيره ، فتنتهي الأسباب الخارجة عنه بالآخرة إلى الاختيار الأزلي الّذي أوجب الكلّ على ما هو عليه بمحض الاختيار ، من غير داع زائد ، ولا قصد مستأنف ، وغرض عارض ، وهذا هو معنى الاختيار الّذي هو الكمال في الحقيقة ، لا ما يفهمه العوامّ.
وهذا التقسيم ممّا استفدناه من أستاذنا سلّمه الله (١).
أصل
قد دريت أن الوجود منتهى سلسلة الإمكانات ، وأن الممكن ما لم يجب لم يوجد ، فالعلة ما لم يجب صدور المعلول عنها لم يوجد المعلول ، فكلّ علّة واجب العلّية ، وكل معلول واجب المعلولية ، فلا يجوز تخلّف أحدهما عن الآخر ، ولا انفكاكهما في الوجود ، إلّا أن المعلول مع العلّة وبها ، والعلّة مع المعلول لا به ، ونزيدك فاسمع :
وصل
العلّة إمّا أن تكون لذاتها مؤثرة في المعلول ، أو لا.
فإن لم يكن تأثيرها في المعلول لذاتها ، بل لا بدّ من اعتبار قيد آخر ، مثل
__________________
(١) ـ أنظر : الأسفار الأربعة : ٣ : ١٠ ـ ١٥ ، فصل ٤.