أصل
قد عرفت فيما قبل أن موجودية الماهيات إنّما هي بوجوداتها ، وأن الموجود بالذات من كلّ شيء هو نحو وجوده ، فإذن أثر الفاعل بالذات ليس إلّا الوجود ، وكذا فاعل الأثر ، فالجاعلية والمجعولية لا تكونان إلّا بنفس الوجود ، على وجه البساطة ، فالجعل إبداع هوية الشيء وذاته الّتي هي نحو وجوده الخاص.
وأمّا المسمى بالماهية فهو المجعول بالعرض تبعا لجعل الوجود ، كما أنّه موجود بالعرض تبعا له. ونزيدك فاسمع :
وصل
المعلول يجب أن يكون مناسبا للعلة ، وقد تحقق كون الواجب تعالى عين الوجود والموجود بنفس ذاته ، فالفائض عنه يجب أن يكون وجود الأشياء ، لا ماهياتها الكلية ؛ لفقد المناسبة بينها وبينه تعالى.
قال بعض العرفاء : إن كلّ معلول فهو مركب في طبعه من جهتين ، جهة بها يشابه الفاعل ويحاكيه ، وجهة بها يباينه وينافيه ؛ إذ لو كان بكلّه من نحو (١) الفاعل كان نفس الفاعل لا صادرا عنه ، فكان نورا محضا ، ولو كان بكلّه من نحو يباين نحو الفاعل استحال أن يكون صادرا عنه ؛ لأنّ نقيض الشيء لا يكون
__________________
(١) ـ في الأسفار : من نحو يشابه نحو.