أصل
البسيط الّذي لا تركيب فيه أصلا لا يكون علّة لشيئين بينهما معية بالطبع ؛ لأن البسيط إذا كانت ذاته وبحسب حقيقته البسيطة علّة لشيء كانت ذاته محض علّة ذلك الشيء ، بحيث لا يمكن تحليلها إلى ذات وعلّة ، لتكون علّيتها لا بنفسها من حيث هي ، بل بصفة زائدة ، أو شرط ، أو غاية ، أو وقت ، أو غير ذلك ، فلا يكون مبدأ بسيطا ، بل مركّبا.
فالمراد من البسيط ما تكون حقيقته الّتي بها تجوهر ذاته هي بعينها كونه مبدأ لغيره ، وليس ينقسم إلى قسمين يكون بأحدهما تجوهر ذاته ، وبالآخر حصول شيء آخر عنه ، كما أن لنا شيئين نتجوهر بأحدهما وهو النطق ، ونكتب بالآخر ، وهو صنعة الكتابة ، فإذا كان كذلك وصدر عنه أكثر من واحد ، ولا شك أن معنى مصدر كذا غير مصدر كذا ، فتقوّم ذاته من معنيين مختلفين ، وهو خلاف المفروض.
وصل
لا يفهمن من لفظ الصدور وأمثاله الأمر الإضافي ، الّذي لا يتحقق إلّا بعد شيئين ؛ لظهور أن الكلام ليس فيه ، بل كون العلّة بحيث يصدر عنها المعلول ، فإنّه لا بدّ وأن يكون للعلة خصوصية بحسبها يصدر عنها المعلول المعيّن دون غيره ، وتلك الخصوصية هي المصدر في الحقيقة ، وهي الّتي يعبّر عنها تارة بالصدور ، ومرة بالمصدرية ، وطورا بكون العلّة بحيث يجب عنها المعلول ؛ وذلك لضيق