المقصدين معا ، ويمتنع أن يقتضي الشيء شيئا وعدمه معا ، فكان من الممتنع أن يوجد ميلان مختلفان في جسم واحد بالفعل ، سواء كانا مستقيمين ، أو مستديرين ، أو مختلفين ، إلّا أن يكون أحدهما بالعرض ، كما تجتمع حركتان كذلك.
فإذا طرأ على جسم ذي ميل طبيعي بالفعل ميل قسري تقاوم السببان ، أعني القاسر والطبيعي ، فإن غلب القاسر وصارت الطبيعة مقهورة حدث ميل قسري ، وبطل الطبيعي ، ثمّ تأخذ الموانع الخارجية والطبيعية معا في إفنائه قليلا قليلا ، وتقوى الطبيعة بحسب ذلك ، ويأخذ الميل القسري في الانتقاص ، وقوّة الطبيعة في الازدياد إلى أن تقاوم الطبيعة الباقي من الميل القسري ، فيبقى الجسم عديم الميل ، ثمّ تجدّد الطبيعة ميلها مشوبا بآثار الضعف الباقية فيها ، ويشتدّ الميل بزوال الضعف ، فيكون الأمر بين قوّة الطبيعة ، والميل القسري قريبا من الامتزاج الحادث بين الكيفيات المتضادة.
أصل
الحركة لا تكون طبيعية إلّا ويكون الجسم على حالة غير طبيعية ، كأين غير طبيعي ، أو وضع ، أو كم ، أو كيف كذلك ، وبإزاء كلّ حالة غير طبيعية منها حالة طبيعية ؛ لأنّ الجسم إذا خلّي وطباعه لم يكن له بدّ منها ، فاقتضاء الحركة والسكون من الطبيعة بالحقيقة شيء واحد تقتضيه الطبيعة الواحدة ، وهو استدعاء الحالة الطبيعية فقط ، فإن كانت غير حاصلة فذلك الاستدعاء يستلزم حركة تحصّلها ، وإن كانت حاصلة فهو بعينه يستلزم سكونا ، ومعناه أنّه لا يستلزم حركة.