وصل
وإذ هو شيء واحد متصل ليس فيه حدود بالفعل ، فالحركة المتقدرّة به الحافظة له يجب أن تكون مثله في الاتصال الوحداني ، فما هي بالحركات المستقيمة الأينية ، ولا الكمية ، ولا الكيفية ؛ لأنها متوجهة إلى غاية ما ، ثمّ راجعة عنها ، لتناهي الأبعاد المكانية ، واستلزام الكمية والكيفية للأينية ، فلا يتصل شيء منها بعضها ببعض ، بحيث يصير المجموع حركة واحدة ، فهي ـ لا محالة ـ متكثّرة غير وحدانية ، ويجب أيضا أن تكون أسرع الحركات وأظهرها فعلية ؛ لأنّ الزمان المستحفظة بها أظهر المقادير آنية ، وأوسعها إحاطة ؛ ولأنه كمية سائر الحركات وعددها ومقدارها ، المضبوطة هي به ، وما يكال به سائر الأشياء المكيلة ويعدّ ينبغي أن يكون أقل كمية ، وأكثر كيفية ومعنى ، وأقربها إلى الوحدة والانضباط ، وأبعدها من عروض التكثّر ، والانتشار.
فهي إذن إمّا الحركة المستديرة الوضعية الّتي لا يكون في المستديرات أسرع منها ، وهي الحركة اليومية ، الّتي بها تتقوّم الأيام والساعات والشهور والسنوات ، وبمقدار ما يقول أحد واحد يقطع المتحرك بها خمسة آلاف ومائة وستة وتسعين ميلا من محدّب الفلك الثامن ، كما ورد في الحديث.
وإما الحركة في الطبائع الجوهرية ، الّتي ليس في الوجود أسرع منها ، ومن فرط سرعتها لا ينالها الحسّ ، سيّما طبيعة الجرم الأعلى المحيط بالأجرام كلها ، من حيث إنّه موجود واحد بما فيه مجدّد للجهات والأمكنة كلها ، لكن الحركة الوضعية اليومية من توابع الحركة الجوهرية ، وفروعها ، لما تقرّر أن الحركة في العرض فرع الحركة في الجوهر ، فتعيّن الحركة الجوهرية الّتي للطبائع لذلك.