ثم إن التركيب حيث لا يقتضي زيادة في التجسّم فلا احتياج بسببه إلى مكان زائد على ما كان للبسائط ، فأمكنة المركّبات هي أمكنة البسائط بعينها ، وكما أنّ حيّز البسيط واحد لا غير ، فكذلك المركّب حيّزه ليس إلّا واحدا ؛ لأنّ حيّزه ما يقتضيه الغالب من أجزائه إن كان فيه غالب ميلا (١) ، إمّا مطلقا ، أو بحسب جهة الحيّز ، أو بحسب فعل صورته النوعية المناسب لفعل الغالب من أجزائه ، أو ما اتفق وجود فيه إذا تساوت الميول فيه ، وتجاذبت إن أمكن وجود مثل هذا الجسم.
أصل
إذا ثبت أن الحيّز هو المكان من حيث الجهة المخصوصة والوضع المخصوص ، فما لا وضع له ولا جهة بالنسبة إلى شيء ما لا خلاء ولا ملاء ، فلا حيّز له.
وقد دريت أن الأبعاد والجهات متناهية ، فإذا أخذ مجموع ما في العالم من الأحياز والمتحيّزات كلها بما هي شيء واحد مسمّى باسم واحد ، فلم يبق شيء خارجا منه ، خروجا وضعيا حتّى يكون حيّزا للمجموع ، أو يكون للمجموع وضع وجهة بالنسبة إليه ، وإلّا لم يكن المجموع مجموعا ، فلا حيّز للعالم جميعا ، كما لا زمان له جميعا.
وكما لا عدد لجميع الأعداد والمعدودات من جنسها ؛ وذلك لأنها إذا فرضها الذهن بحيث لا يشذّ عنها عدد ولا معدود ، لا يكون بهذا الاعتبار
__________________
(١) ـ هكذا في المخطوطة.