أصل
وإذ ثبت أن حقيقته تعالى هو الوجود البحت الغير المتناهي ، ثبت أنّه تعالى واحد ، لا شريك له ؛ إذ لا تعدّد في صرف شيء ، ونعم ما قيل : صرف الوجود الّذي لا أتمّ منه ، كلّما فرضته ثانيا فإذا نظرت فهو هو ؛ إذ لا ميز في صرف شيء ، فإذن شهد الله أنّه لا إله إلّا هو.
وأيضا لو اقتضى ذاته من حيث هو ، ولأنّه غني بذاته أن يكون هذا بعينه فلا يصحّ أن يكون غيره ، وإن كان بسبب ما صار هذا فيكون هذا فقيرا ، هذا خلف.
فإذن لا إله إلّا هو.
وأيضا لو تعدّد فلا يمتاز أحدهما عن الآخر بنفس ما اشتركا فيه ، ولا بلازمه ، وهو ظاهر ، ولا بعارض غريب ؛ إذ ليس وراء هما مخصّص ، وإن خصّص أحدهما نفسه وصاحبه فيكونان قبل التخصّص متعيّنين لا بالمخصّص ، هذا خلف. فلم يكن له كفوا أحد.
وأيضا إمّا أن تقتضي ذاته الوحدة ، فلا يكون إلّا واحدا ، أو التعدد ، فلا يوجد في واحد ، وإذ لا واحد فلا متعدّد ، هذا خلف ، أو لا ذا ولا ذاك فتتساوى نسبة مراتب الأعداد إليه ، فالتعيّن إمّا لمرجّح ، فيفتقر إليه ، أو لا لمرجّح ، فيلزم الترجيح بلا مرجّح ، فلا ندّ له.
ويلزم من الشق الثاني ـ أيضا ـ أن لا يوجد بمحوضته وصرافته ، وأن يتقدّم عليه شيء ما ، فإنّ كلّ عدد يتأخّر عما دونه بالطبع ، وأن يفتقر إلى الأفراد