أصل
وإذ هو واحد فلا شريك له في الإيجاد ؛ لاستناد الكلّ إليه تعالى ، ولا ينافي ذلك إثبات الوسائط والروابط من الملائكة العمّالة بإذنه تعالى ؛ إذ لا تأثير لها أصلا في الإيجاد ، بل في الإعداد وتكثير الخيرات ، فإنّ من الفقراء ما فقره اللازم لماهيته كاف في صدوره عنه سبحانه من غير شرط ، ومنها ما لا يكفي فقره ، بل لا بدّ من حدوث أمر قبله حتّى يستعدّ به للصدور عنه تعالى ، فإذن له الخلق والأمر.
وأيضا لا يجوز أن يفيض الوجود إلّا ما هو بريء من جميع جهات الفقر ، وإلّا لكان للعدم شركة في إفادة الوجود ، وليس ما هذا شأنه سوى الله ، أو ما أغناه الله بحيث استهلك غناؤه في غنائه تعالى ، فالكلّ من عند الله تعالى.
سؤال : لم لا يجوز أن تكون إفاضته الوجود من جهة غنائه فحسب؟
جواب : لأنّ المفيض بالذات على هذا التقدير إنّما تكون تلك الجهة ، وهي له مستفادة من الغير ؛ لما دريت أن كلّ فقير بالذات من جهة ما فهو فقير بالذات من جميع الجهات ، فالمفيض بالحقيقة ذلك الغير دونه ، وتلك الجهة إنّما تكون مستهلكة في غناء ذلك الغير ، لا يكون أمرا وراءه ، بل شأنا من شؤونه إن كان ، على أنها ليست تمام ما فرضناه مفيضا للوجود ، فلا يكون ما فرضناه مفيضا مفيضا ، بل غيره ، هذا خلف.
وسيأتي لهذا مزيد بيان وبرهان ، من كلام أستاذنا ـ دام ظلّه ـ.