وصل
كيف لا يكون الله سبحانه كلّ الأشياء ، وهو صرف الوجود الغير المتناهي شدّة وقوّة وغنى وتماما ، فلو يخرج عنه وجود لم يكن محطيا به ؛ لتناهي وجوده دون ذلك الوجود ، تعالى عن ذلك ، بل إنكم لو أدليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله (١) ، و (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢).
قال بعض السالكين : ما رأينا شيئا إلّا ورأينا الله بعده.
فلما ترقّوا عن تلك المرتبة درجة من المشاهدة والحضور قالوا : ما رأينا شيئا إلّا ورأينا الله فيه.
فلما ترقّوا قالوا : ما رأينا شيئا إلّا ورأينا الله قبله.
فلما ترقوا قالوا : ما رأينا شيئا سوى الله.
والأولى مرتبة الفكر ، والاستدلال عليه ، والثانية مرتبة الحدس ، والثالثة مرتبة الاستدلال به ، لا عليه ، والرابعة مرتبة الفناء في ساحل عزّته ، واعتبار الوحدة المطلقة محذوفا عنها كلّ لاحق.
وصل
وإذ ليست وحدته سبحانه عددية ، فليست معيّته للأشياء بممازجة ، ولا
__________________
(١) ـ هكذا ورد في الحديث. أنظر : سنن الترمذي : ٥ : ٧٧ ، ح ٣٣٥٢.
(٢) ـ سورة البقرة ، الآية ١١٥.