واجبات ، وبغنائه بقدر استعداداتها مستغنيات كلّ في وقته ومحلّه ، وعلى حسب طاقته ، وإنّما إمكانها وفقرها بالقياس إلى ذواتها وقوابل ذواتها ، وليس هناك إمكان وقوّة البتّة.
فالمكان والمكانيّات بأسرها بالنسبة إليه سبحانه كنقطة واحدة في معيّة الوجود (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (١) ، والزمان والزمانيات بآزالها وآبادها كان واحد عنده في ذلك ، جفّ القلم بما هو كائن ، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلّا وهي كائنة ، والموجودات كلّها ـ شهاديّاتها وغيبيّاتها ـ كموجود واحد في الفيضان عنه تعالى (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) (٢) ، وإنما التقدّم والتأخّر ، والتجدد والتصرّم ، والحضور والغيبة ، في هذه كلّها بقياس بعضها إلى بعض ، وفي مدارك المحبوسين في مطمورة الزمان ، المسجونين في سجن المكان ، لا غير ، وإن كان هذا لممّا تستغربه الأوهام.
وأمّا قوله عزوجل : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٣) ، فهو كما قاله بعض العلماء : إنها شؤون يبديها ، لا شؤون يبتديها (٤) ، وسيأتي الكلام في ذلك في مباحث حدوث العالم ، إن شاء الله.
__________________
(١) ـ سورة الزمر ، الآية ٦٧.
(٢) ـ سورة لقمان ، الآية ٢٨.
(٣) ـ سورة الرحمن ، الآية ٢٩.
(٤) ـ أنظر : الكشاف : ٤ : ٤٦ و ٤٧.