قاهر يقهره ، وسلطان يعجزه ، وشريك يشركه ، تعالى عن ذلك كله علوا كبيرا.
وكيف تتعلّق فاعليته بتجدد حال ، وحال ما يتجدد كحال ما يمهد له التجدّد ليتجدد ، فذاته بذاته فيّاض لم يزل ، ولا يزال ، بلا منع وتقتير ، وبخل وتقصير ، على جري مستمرّ ، وسنّة واحدة (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (١).
وصل
وكذلك عالميّته وسمعه وبصره ، وغير ذلك من الصفات ، فإنّه سبحانه أدرك الأشياء جميعا إدراكا تاما ، وأحاط بها إحاطة كاملة ، فهو عالم بأنّ أي حادث يوجد في أيّ زمان من الأزمنة ، وكم يكون بينه وبين الحادث الّذي بعده ، أو قبله ، من المدة ، ولا يحكم بالعدم على شيء من ذلك ، بل بدل ما نحكم بأن الماضي ليس موجودا في الحال يحكم هو بأن كلّ موجود في زمان معيّن لا يكون موجودا في غير ذلك الزمان من الأزمنة الّتي تكون قبله ، أو بعده ، وهو عالم بأنّ كلّ شخص في أي جزء يوجد من المكان ، وأي نسبة تكون بينه وبين ما عداه ممّا يقع في جميع جهاته ، وكم الأبعاد بينهما على الوجه المطابق للحكم ، ولا نحكم على شيء بأنه موجود الآن أو معدوم ، أو موجود هناك أو معدوم ، أو حاضر أو غائب ؛ لأنّه سبحانه ليس بزماني ، ولا مكاني ، بل هو بكل شيء محيط ، أزلا وأبدا (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ) (٢).
__________________
(١) ـ سورة الأحزاب ، الآية ٦٢ ؛ وسورة الفتح ، الآية ٢٣.
(٢) ـ سورة البقرة ، الآية ٢٥٥.