وصل
الممكن هو الوجود المتعيّن ، فإمكانه من حيث تعيّنه ، ووجوبه من حيث حقيقته ، وذلك أنّ التعيّن نسبة عقلية ، فهي بالنسبة إلى المرجّح واجبة للمتعيّن ، والتعيّن هو حدوث ظهور الوجود من وجه معيّن يعيّنه القابل المعيّن للوجود ، بحسب خصوصه الذاتي ، فيمكن بالنظر إلى كلّ تعيّن حادث للوجود أن ينسلخ الوجود عنه ، ويتعيّن تعيّنا آخر ، وينعدم التعيّن الأوّل ؛ إذ نفس التعيّن هو الواجب للوجود الحق الساري في الحقائق ، بمعنى أنّه شرط لظهوره في المراتب ، لا لتحققه في ذاته ، وإلّا لانقلب الواجب ممكنا ، وليس كلّ تعيّن معيّن واجبا له على التعيين إلّا لموجباته ، والوجود المتعيّن لا ينقلب عدما ، بل تنقلب تعيّناته بتعيّنات أخر ، غير متعيّنات قبلها ، فتحقّق من هذا حقيقة الإمكان المتعيّن المعيّن ، وهو نسبة عدمية في الوجود ، فهو بين عدم ووجود ، فمهما رجع الحق إلى إفاضة نور الوجود على ذلك الوجه المعين بقي موجودا.
والتحقيق : أنّه لا يبقى آنين ، بل يتبدّل مع الآنات ، وإن أعرض عنه التجلّي الوجودي انعدم وعاد إلى أصله ، هذا أصل الإمكان.
وأمّا اسم الغير والسوي للممكنات فذاك من حيث امتيازاتها النسبية والذاتية بالخصوصيات الأصلية ، فهي من هذا الوجه أعيان ، بعضها مع بعض ، وأمّا غيريّتها للوجود المطلق الحق ، فمن حيث إنّ كلا منها تعيّن مخصوص للوجود الواحد بالحقيقة ، تغاير الآخر بخصوصيته ، والوجود الحق المطلق لا يغاير الكل ، ولا يغاير البعض ؛ لكون كليّة الكلّ وجزئية الجزء نسبا ذاتية له ، فهو لا ينحصر في الجزء ، ولا في الكل ، فهو مع كونه فيهما عينهما ، لا يغاير كلا منهما