وصل
كيف لا يكون للوجود حقيقة عينيّة وغيره به يكون متحقّقا وكائنا في الأعيان ، أو في الأذهان ، فهو الّذي به ينال كلّ ذي حقّ حقّه ، فهو أحقّ الأشياء بأن يكون ذا حقيقة ، كما أنّ البياض أولى بأن يكون أبيض ممّا ليس ببياض ، ويعرض له البياض.
ومن هنا قيل : الوجود حقيقته أنّه في الأعيان لا غير ، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته ، يعني به الوجود البحت الّذي لا ماهية له ، فإنّ ما لا ماهية له لا يمكن تصوّره بالحدّ ، ولا بالرسم ، ولا بصورة مساوية له ؛ إذ تصوّر الشيء عبارة عن حصول معناه وانتقاله من حدّ العين إلى حدّ الذهن ، وكل ما كان حقيقته أنّه في الأعيان فيمتنع أن يكون في الأذهان ، وإلّا لزم انقلاب الحقيقة عمّا كانت بحسب نفسها ، فكلّ ما يرتسم من الوجود في النفس ، وتعرض له الكلية والعموم ، فهو ليس حقيقة الوجود ، بل هو وجه من وجوهه ، وحيثية من حيثيّاته ، وعنوان من عنواناته.
فليس عموم ما ارتسم من الوجود في النفس بالنسبة إلى الوجودات عموم المعنى الجنسي ، بل عموم أمر لازم اعتباري انتزاعي ، كالشيئية للأشياء الخاصة من الماهيات المتحصّلة المتخالفة المعاني.
وصل
وإذ ليس له مفهوم ، فليس بكليّ ولا جزئي ، ولا عامّ ولا خاص ، ولا مطلق ولا مقيّد ، بل تلزمه هذه الأشياء بحسب ما يوجد به من الماهيات وعوارضها ،