كونه مؤثرا في وجود ذلك الحادث ، أو ما كان كذلك ، فإن كان الحق هو الأول ، فنقول : إن ذلك المؤثر التام كان حاصلا في الأزل ، وما ما كان هذا الحادث موجودا ، ثم حدث هذا الحادث بعد ذلك ، مع أنه لم يتغير أمر من الأمور المعتبرة (في حدوث هذا الحادث) (١) البتة ، فحينئذ يلزم رجحان الممكن لا لمرجح ، وأما القسم الثاني : وهو أن كل الأمور المعتبرة في كون ذلك القديم علة لهذا الحادث (ما) (٢) كان موجودا في الأزل ، ثم إنه حدث ذلك المجموع ، فحدوث ذلك المجموع ، إما أن يكون لا لسبب أو يكون لسبب سابق ، أو يكون عليّة معلول ، وهو الدور ، أو يكون عليّة حادث آخر ، وهو التسلسل فيثبت أنه لا بد في الجواب من التزام أحد هذه الوجوه الأربعة ، وعلى كل التقديرات فإنه يفسد مقدمة من المقدمات المعتبرة في أصل ذلك الدليل.
والوجه الثاني في بيان ضعف هذا الجواب : إن تلك العلة القديمة حال ما كان الحادث المتقدم موجودا. إما كانت مؤثرة في وجود الحادث المتأخر ، ثم بعد انقضاء الحادث المتقدم ، صار مؤثرا في وجود الحادث المتأخر؟ فيكون ذلك الموجود القديم ، ثمّ مؤثرا في وجود هذا الحادث المتأخر حكم حادث ، فإن لم يفتقر إلى المؤثر ، فقد فسد قولكم : الحادث لا بد له من مؤثر ، وإن افتقر إلى المؤثر فالمؤثر فيه ، إن كان هو وجود الحادث المتقدم ، فقد أسندتم المتأخر : إلى (عدم) (٣) المتقدم ، وإن أسندتموه إلى معلوله لزم الدور، وإن أسندتموه إلى حادث آخر ، لزم التسلسل ، والكل يهدم دليلكم.
الوجه الثالث في بيان ضعف هذا الجواب : أن نقول الحادث المتقدم ، إما أن يكون فناؤه وانقضاؤه لذاته أو لغيره ، فإن كان الأول كان ممتنع الوجود لذاته ، فوجب أن لا يوجد البتة ، وإن كان الثاني فليس هاهنا سبب يزيله ويوجب عدمه ، إلا طريان (الحادث المتأخر فعلى هذا يكون زوال المتقدم موقوفا
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).
(٣) من (س).