الشبهة الرابعة : لو وجد واجب الوجود (لذاته) (١) لكان مركبا ، وهذا محال فذاك محال. بيان الملازمة : أن واجب الوجود ، يجب أن يكون وجوده (٢) مغايرا لذاته ، بدليل أنه يصح أنه واجب الوجود لذاته ، والوصف مغاير للموصوف ، وإذا كان كذلك ، فواجب الوجود عبارة عن مجموع تلك الذات (مع تلك الصفة) (٣) وكل مركب ممكن فواجب الوجود لذاته ، ممكن الوجود لذاته ، وهو محال.
الشبهة الخامسة : لو حصل واجب الوجود لذاته ، لكان مفتقرا في دوام وجوده إلى المدة والزمان ، والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته.
بيان الأول : أن واجب الوجود لذاته لا بد وأن يكون دائم الوجود ، والمقول من الدائم (٤) ما يكون موجودا فيما مضى وفي الحاضر وفي المستقبل ، ولكن الوجود في الماضي والحاضر والمستقبل مشروط بوجود الماضي والحاضر والمستقبل ، لأن كون الشيء [مظروفا لشيء] (٥) مشروط بوجود ذلك الظرف ، فيثبت أن دوام (٦) الوجود لا يتقرر إلا مع المدة والزمان ، لا يقال : إنا لا نقول : إن واجب الوجود لذته موجود الآن وفي الماضي والمستقبل. بل نقول : إنه موجود لا يقبل العدم ، ولا نزيد على ذلك. لأنا نقول : لا عبرة في هذا الباب ، بأن يذكر هذا القول باللسان [أو لا يذكر] (٧) وإنما العبرة بالعقل ، ونحن نعقل (٨) بالضرورة أن الشيء الذي يصح حكم العقل عليه بأنه ما كان موجودا في الماضي ، وهو غير موجود في الحال الحاضر ، ولا يكون موجودا في المستقبل ، فإنه يكون معدوما محضا ، ونفيا صرفا.
وإنما قلنا : إن افتقار واجب الوجود لذاته ، إلى المدة والزمان محال لوجهين : ـ
الأول : إن كل مفتقر إلى الغير فهو ممكن لذاته. والثاني : إن الزمان
__________________
(١) من (ز).
(٢) وجوبه (س).
(٣) من (س).
(٤) الدوام (س).
(٥) من (س).
(٦) ذات (س).
(٧) من (ز).
(٨) نعلم (ز).