المركز ، كما يكون الفص في الخاتم ، وحينئذ يعود السؤال : إنه لم حصلت كرة (١) التدوير في ذلك الموضع دون سائر المواضع مع أن جميع الأجزاء المفروضة في كرة الفلك متساوية في الطبيعة؟
واعلم أن الاستقصاء في شرح هذه الأحوال سيأتي في باب الاستدلال على الصانع الحكيم بحدوث الصفات. فهذا هو الإشارة إلى معاقد الدلائل المأخوذة من أجرام الأفلاك بحسب إمكان صفاتها.
وأما القسم الثاني : وهو الدليل المأخوذ من إمكان صفات العناصر.
فنقول : كرة الأرض محفوفة بالماء ، والماء بالهواء ، والهواء بالنار. فاختلاف هذه الأجرام العنصرية بهذه الصفات وبهذه الأحياز من الجائزات ، فوجب أن تكون بتقدير الفاعل المختار. فإن قيل : السؤال على هذا الدليل يجب أن يكون مسبوقا بمقدمة ، وهي أن للناس في وجود هذا العالم المحسوس قولان : منهم من قال : إن هذه السموات ، وهذه الكواكب ، وهذه العناصر قديمة بحسب ذواتها ، وبحسب أشكالها ، وترتيب أمكنتها. ومنهم من قال : إنها محدثة. أما القائلون بالقول الأول فهم فريقان : منهم من يقول : إنها واجبة الوجود لذواتها ، وهي غنية عن السبب والمؤثر ، ومنهم من يقول : إنها ممكنة الوجود (بذواتها ، واجبة الوجود) (٢) بسبب تأثير علة قديمة في وجودها ، وزعم هؤلاء : أن ذلك المؤثر موجب بالذات لا فاعل بالاختيار ، ويسمون ذلك المؤثر بأنه أثر (٣) بعلة. وأما القائلون بأن هذا العالم المحسوس محدث ، فلهم قولان : منهم من يقول : إن هذا العالم (المحسوس) (٤) محدث بحسب الذات والصفات فهذه الذوات (المتميزة) (٥) محدثة ، وتركيب السموات والعناصر منها أيضا محدث. وهؤلاء هم أكثر أهل الملل والنحل. ومنهم من
__________________
(١) كرة كرة (ز).
(٢) من (س).
(٣) أثبته (ز).
(٤) من (س).
(٥) من (ز).